طالعتنا بعض وسائل الإعلام بخبر مفاده تقدم جامعة سعودية برشوة بمبلغ مليوني دولار لأحد المعاهد في أستراليا لتحسين تصنيفها العالمي، ولم يستوعب عقلي الخبر حينها، فذلك ضرب من الجنون والفساد والحماقة والجهل في آن واحد، وقلبت في ذاكرتي فلم أجد حادثة مماثلة، استعنت بالسيد جوجل، فلم أجد مثالاً.. نعم ربما هذه هي الحادثة الأولى في التاريخ من هذا النوع ( اللي انكشفت طبعاً ). الخبر صادم جداً، خاصة أنه متعلق بجامعة والفضيحة خارج حدودنا الجغرافية، نعم وصلنا إلى العالمية!! إذا كانت المدرسة هي الموكلة بزرع المبادئ والأخلاق وكل ما هو حميد في النشء فإن الجامعة هي الموكلة بصناعة الوعي وعقلنا الجمعي، نعم الوعي والعقل الذي يسمح لنا بالبقاء في هذه الأرض كأمة متحضرة، وإذا كانت الإدارة المشرفة على تلك الجامعة بهذه العقلية التافهة والضمير المنعدم فإن مستقبل أبنائنا ووطننا مخيف! أتصور أن هذه الحيلة التي لجأت إليها الجامعة استغرقت من إدارتها وقتاً وجهداً كبيرين لتسهيل الرشوة وضمان عدم الانكشاف، ولو أنفقوا هذا الوقت فضلاً عن المبلغ الكبير (أكثر من 7 ملايين ريال) داخل جامعتهم بكل امانة وإخلاص وخوفاً من الله قبل هذا وذاك لكان من الممكن أن تحصل الجامعة على تصنيف أفضل وبنزاهة وشرف وعلم! أعلنت هيئة مكافحة الفساد نزاهة كشفها عن هذه الحادثة وهو جهد محمود ومشكور، ولكن نرجو أن يتم الكشف عن شخص المسؤولين عنها ليكونوا عبرة لمن يعتبر ولنراجع أنفسنا في كيفية وصول أمثال هؤلاء إلى هذه المناصب العالية والحساسة جداً لخطرها على مستقبلنا كأمة، خاصة وان الاخطاء تكررت في هذه الجامعة اكثر من مرة وفي مواقع متعددة حسب الخبر. لا أتصور أننا بحاجة لبيان أهمية وحساسية هذه المناصب الأكاديمية فهي معلومة بالضرورة لكل ذي عقل وبصر، ولكن أتوجه لأولياء أمورنا حفظهم الله بضرورة مراجعة آليات اختيار قادة الجامعات وآلية مراقبة أدائهم، فإن رئيس جامعة كفئاً وحريصاً على الخير لوطنه وأبناء وطنه لهو حري بأن يبعث نهضة في أمة، نعم.. فلم تسبقنا أممٌ ولن نلحق بها إلا بالعلم، والعلم يحتاج لعقل وضمير، وهذا لا يتوفر لدى أصحاب الرشوة الدولية، كما انتشر مسماها! الحادثة برغم ما فيها من صدمة إلا أنها فرصة لمراجعة أنفسنا وأن نبذل الخير لوطننا باعتماد الآليات المتبعة في جامعات الدول المتقدمة لاختيار المناصب الأكاديمية.. رعى الله أبناءنا وحفظ لهم عقولهم ووطنهم!