لم يتوقف فن الخطابة على الرجل ,فللنساء نصيب في ذلك الفن التاريخي العريق ,الذي يحتاج إلى الجرأة ,و الفصاحة و حسن البيان, و الحكمة البليغة, و أن يكون صاحب ذلك الفن ملم بالعديد من المهارات القرائية, التي لا تقتصر على اللغة فحسب, فهو بحاجة إلى أن يكون مبحر في عالم المعرفة, التاريخية و الفلسفية و علم الاجتماع ,و النفس , و من النساء اللواتي اشتهرنا بذلك الفن في نجران ( أم سنان ) بنت خثيمة المذحجية و في ذلك لنا فخر معشر النساء, لن أطالب بأن يقام لها مهرجان مثل مهرجان قس بن ساعدة ,و لكن لو أولت إدارة التربية و التعليم ذلك الجانب المشرق بمسابقة في الخطابة في مدارس البنات ,في كافة المراحل التعليمة فأن تلك فائدة تعود بالمعرفة على الطالبة, و تكسبها مهارة الخروج من المواقف المحرجة بحسن البيان ,و دهاء الحكمة البليغة, فأم سنان المذحجية حينما ذهبت إلى مروان بن الحكم, والي معاوية بن أبي سفيان على المدينة, فطلبتهُ إطلاق حفيدها من جناية قد جناها, فرفض طلبها و أغلظ لها في القول فخرجت إلى الشام, لمقابلة معاوية و عند مقابلته انتسبت, فعرفها فقال لها : (( مرحباً يا بنت خثيمة ,ما أقدمك أرضنا, و قد عهدتك تشتمينا و تحضين علينا عدونا ؟ قالت : إن لبني عبد مناف أخلاقاً طاهرة ,و أعلاماً ظاهرة, و أحلاماً وافرة لا يجهلون بعد علم ,و لا يسفهون بعد حلم, و لا ينتقمون بعد عفو, و إن أولى الناس بإتباع ما سن آباؤه لأنت, قال: صدقتِ نحن كذلك ))فما أجمل أن يكن بناتنا مفوهات بالكلم الثري بالحكمة في شؤون حياتهم العلمية ,و الاجتماعية, فما أبدع أن تسن إدارات التربية و التعليم ذلك, و لقد أنشدت من الشعر ما تقف له الألباب إعجاباً حيث قالت : عزب الرقاد فمقلتي لا ترقد,,, و الليل يصدر بالهموم و يورد يا آل مذحج لا مقام فشمروا ,,, إن العدو لآل أحمد يقصد هذا علي كالهلال تحفه ,,, وسط السماء من الكواكب أسعد خير الخلائق وابن عم محمد,,, إن يهدكم بالنور منه تهتدوا مازال مذ شهدا لحروب مظفرا ,,,و النصر فوق لوائه ما يفقد فما أجمل أن يجمل أطفالنا و أجيالنا القادمة بالكلام الحسن حتى لا يماثلونا في الكثير من عثراتنا اللغوية الكاتبة و القاصة مسعدة اليامي