إنشاء جامعة جديدة هو ليس فقط إنشاء صرح تعليمي مع أهميته بل هو مشروع تنموي واقتصادي واجتماعي ضخم خاصة إذا كان الأول في منطقة من مناطق الأطراف مثل منطقة نجران والتي رغم عدم وجود جامعة فيها من قبل إلا أن نسبة خريجي الجامعات من أعلى النسب على مستوى المملكة. وإنشاء جامعة في المنطقة كان مثابة الوعد بنقلة تنموية وتعليمية و اقتصادية وتعويض عن سنوات الحرمان من المشاريع الضخمة والمؤثرة و لذلك كان استبشار المواطنين هناك و أحلامهم كبيرة بإنشاء الجامعة لتوفير التعليم الجامعي لأبنائهم و لبناتهم بالأخص ولتحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل تقلل حجم البطالة و للاستفادة من وجود الجامعة في الحركة الثقافية والتنمية الإدارية . وقد حظيت الجامعة عند انطلاقتها بدعم ورعاية من الدولة تمثلت في افتتاحها من قبل خادم الحرمين الشريفين وخصصت لها ميزانيات كبيرة ولكن تلك الميزانيات الضخمة والصلاحيات الكبيرة مثلما تجذب الحريصين على ملاقاة توجه ودعم الدولة بالعمل المخلص ولكنها أيضا تجتذب أكثر المتصيدين لفرص الفساد وأصحاب المصالح الخاصة. وجامعة نجران لم تكن بعيدة عن هذا المسار فقد شاهدنا عبر الصحف على مدى السنين الماضية شكاوى من تعسف ومحسوبيات في التوظيف وشاهدنا مروحة كبيرة من الشكاوى على الجامعة ابتداء من الطلاب و ليس انتهاء بحراس الأمن والسلامة مروراً بمنى تحت الإنشاء انهار جزء منه وأودى بحياة ثلاثة أشخاص . و مع أن هذه الشكاوى خفت في الآونة الأخيرة لعله يأس أو لعله تلافٍ للأخطاء الماضية إلا أن موضوع في منتدى إنترنت خاص بالمنطقة جعلني أخشى أن الجامعة ودعت المسار السليم المفترض لمنارة علم و معرفة ومنشأة حكومية يفترض فيها قبل غيرها الشفافية و المسؤولية . كان الإعلان بوعد من شخصية نجرانية بناء على وعد من مدير الجامعة بالتوظيف عبر تلك الشخصية للأشخاص الذين تم إقصاؤهم في المسابقات السابقة أو الذين يحملون مؤهلاً مناسباً ويخشون من المحسوبية في التوظيف كما جرت العادة. إن علاج المحسوبية والفساد لا تكون بمحسوبية وفساد آخر مهما كان الهدف نبيلاً و مهما كانت النتيجة سليمة وهذا يدل على عدم البت في الشكاوى السابقة وعدم وجود المحاسبة ( مبدأ الى ضرب ضرب و الى هرب هرب ) و يدل على تأصل المحسوبية في الجامعة و يبقى الصراع بين المحسوبيات هو السائد وليس الاستحقاق والشفافية . في خضم هذا اللغط الذي يدور في الجامعة و حول الجامعة و نحن نعرف أن معالي وزير التعليم العالي بحكم مسئوليته يجب أن لا يكون بعيد عن أجواء الجامعات الناشئة و منها جامعة نجران و عندما نعرف أن الوزير لم يقم حتى الآن بزيارة إلى جامعة نجران ورغم أن الصلاحيات مطلقة لمدير الجامعة في إدارة الجامعة البعيد نوعا ما عن التواجد بالمنطقة للأسف إلا أن الزيارة ربما تكون زيارة مفترق الطرق بين الأمل بعودة الجامعة للطريق الذي رسمه الملك المفدى و لاقى فيه أحلام مواطني نجران أو يكون التأكيد أن الجامعة غادرت دون رجعة إلى الطريق الآخر طريق الفساد و المحسوبيات و عندها يقطع الطامحون هناك الرجاء باليأس . و ربما سننتظر من الوزير أن يقول للطلاب هناك ( يا عمي رح اشتر ) و لأن الجامعة لا تشترى ربما يقال ( يا عمي رح ادرس في اليمن ) و هذا فعلا خيار أفضل في حالة بقاء جامعة نجران بهذا الدوران في فلك الفساد و المحسوبية أياً كانت خلفيتها. سعد آل سالم البلاد [email protected] saadalsalem@