يقول الصديق العزيز والأديب الساخر مؤلف كتاب (بيل ونبيل ) في تعليقه على خواطري السويسرية هنا في ايلاف بعد ان نشرها في موقعه المشهور وهو يخاطيني ويشجعني على الاستمرار في كتابة الخواطر الصيفية : على فكرة ... شاهدت في أخبار الأمس مظاهرة صغيرة في إحدى مناطق جبال الألب ... لا تكون بسببك يالشقي؟ شككت في نفسي وصدقت اتهام نبيل لي , لكنني عندما تأملت في ملامح جسمي النحيل تأكد لي انني لم أكن سببا لتلك المظاهرة التي رآها نبيل وهو في الخليج ولم أرها وأنا بينهم , لأنني أعرف ان أغلب مظاهرات الشعوب الغربية تكون بسبب قضايا اقتصادية حيث لايعانون من قمع سياسي ولا مشاكل حقوقية في ظل دساتير تحترم حق الانسان وحريته وكرامته وذهبت الى شارع المدينة الجبلية الصغيرة التي اقطنها في جبال الألب علني أجد مظاهرة أخرى لأعرف السبب فلم أجد في الشارع سوى بعض المارة السويسريين وبعض السواح الكويتيين الذين أجدهم كل مرة أأتي الى هنا يعشقون السياحة العائلية في هذا المكان الأكثر هدوءا في سويسرا الهادئة أصلا . وجدت ان الأخوة الكويتيين المتواجدين هنا يعتبرون الأكثر وزنا من ناحية الأحجام الجسدية مقارنة بالأجساد السويسرية الرشيقة وجسدي النحيل . وتذكرت ان سويسرا تعاني من غلاء معيشي مرتفع يوازيه ارتفاع في سعر الفرنك مقابل العملات الأخرى , خاصة الريال السعودي الذي اشعر وكأنه في صراع مع الفرنك السويسري وسط حلبة مصارعة ينتصر فيها الفرنك بالضربة القاضية وكأن الريال السعودي مصارع من وزن الذبابة امام مصارع من وزن محمد علي كلاي في عز قوته . وقد تخيلت نفسي بنحافة جسمي صورة للريال السعودي في الوقت الذي رايت الجسد الكويتي الممتليء بالشحوم صورة للدينار الكويتي المتخم . وأحسست انني عرفت السبب الحقيقي للمظاهرة التي يتهمني صديقي النبيل بأنني كنت سببها الأول . وظننت ان الإخوة الكويتيين بدينارهم القوي واجسادهم المثقلة بالشحوم قد اشعلت غيرة في قلوب السويسريين الذين يعانون من غلاء المعيشة وارتفاع الفرنك الذي احرمهم مجيء السواح الى جبلهم الذي خلت فنادقه وشققه من النزلاء وتأثر الناس في وظائفهم ومحلاتهم ومعيشتهم ,مما حدا بالناس ان تتظاهر . كلنا نحسد هذا النفر القليل من الاخوة الكويتيين الذين يتمتعون بالهواء السويسري العليل غير مبالين بغلاء المعيشة وارتفاع الفرنك مادام ان الدينار الكويتي لا يعاني من صراع الحلبة مثلما يعاني الريال السعودي الذي يقال ان قيمته تهبط بهبوط الدولار ولكنه لايرتفع مهما علا الدولار في سوق العملات العالمية . طبعا فهمي في الاقتصاد كفهم نبيل المعجل في معرفة اللغة الهيروغليغية . لكنني اعتقد أن علاقة الريال بالدولار يجب ان تكون علاقة الند بالند وليس علاقة التابع بالمتبوع , لأن علاقة الند بالند تجعل من الاثنين ان يربحا أو يخسرا معا وليس ان يربح المتبوع لوحده في حالة الارتفاع ويخسر التابع ربما في كلي الحالتين ! قال لي صديقي الفرنسي وهو برفسور سابق في جامعة السوربون الفرنسية الذي اختار العيش في سويسرا منذ عشرين سنة ويملك فندقا صغيرا من اربع شاليهات : ان هبوط الدولار امام العملات الاوروبية لا يعني ضعفا في الاقتصاد الامريكي بقدر ما يعني ذكاء مبرمجا ستربح امريكا بسببه نموا اقتصاديا مستقبليا , لأن انخفاض الدولار حسب قوله يساعد امريكا في تصدير مبيعاتها للخارج بما يجلب لها الكثير من المال ويجعلها تتخلص من بضاعات كثيرة تحتاج ان تتخلص منها . لكنني لم استطع التحاور معه في الموضوع الاقتصادي بل هززت رأسي وكأنني اوافقه الرأي كيلا ابين جهلي بالاقتصاد وعلومه . ولا اعرف ان كان رأيه سليما , لكنني اؤمن في عقلية الامريكي الذي تعود ان ينتمي الى واقع ديناميكي ديموقراطي يملك القدرة على تصحيح اخطاءه وتجديد دماءه والانطلاق الى المستقبل بعزيمة لا يملكها شعب آخر على وجه الأرض . لأن الامريكي يعيش بلا عقد للتاريخ او التراث مما يجعله دائما متحررا من كل القيود التي تكبل تفكيره , واضحك بسخرية وألم كلما تذكرت ان العربي لايزال يتحدث عن قضايا تافهة وسخيفة ويعطيها من وقته الكثير وكأنه لا ينتمي الى هذا العالم الذي يتغير بسرعة . ولاتزال بعض الشعوب العربية تموت من اجل ان تغير حاكما شبه أمي يرفض ان يغادر كرسي الحكم الذي جلس عليه عقودا طويلة ويعتقد انه قادم من السماء وهو لم يقدم لذلك الشعب سوى التخلف والقمع ! سامحك الله يا نبيل المعجل : تتهمني بانني كنت السبب وراء المظاهرة في جبال الألب , وأنا لم أكن في يوم من الأيام جزءا من مظاهرة في أي بلد عربي . لكنني اعرف انك سوف تبرر اتهامك لي , بأن العالم العربي ليس فيه ما يستحق المظاهرة بعكس الواقع السويسري المليء بالمشاكل . وكأنك تكرر النكتة التي قيلت عن القذافي حينما قالوا انه يقول ان في ليبيا اعظم ديموقراطية والدليل ان أي ليبي يستطيع ان يشتم الرئيس الامريكي في ليبيا ! فلا تضع نفسك في زنقة يا نبيل وتتهمني بما أنا ليس كفئا له.. مثلما وضع الأخ العقيد نفسه .. وأقصد العقيد القذافي.. وليس أنا! عندما صدق أنه ملك ملوك العالم . وأحمد الله ان الثورات العربية اوقفت جنونه قبل ان يدعي انه الرب . علما أنني لازلت مستغربا من الذين كانوا يقولون ان المجلس الانتقالي العراقي الذي اتى بعد صدام حسين مجموعة من الخونة والعملاء وقد أتوا على ظهر دبابة وفي نفس الوقت يمجدون المجلس الانتقالي الليبي ويعتبرون عناصره ثوارا بالرغم أنهم وأقصد الثوار يركبون طائرات النيتو (ويشقحون) مثلما تقول اللهجة النجرانية على دباباته , وكلا المجلسين مدعومان من الغرب ؟! مما يجعلني احيانا اعتقد ان بعض الاعلام العربي يمثل سياسة غربية وليست عربية , وأحيانا يخدم السياسة الغربية بعمالة غير مباشرة خاصة عندما يسقط في فخ الطائفية العفنة !! سالم اليامي صحبفة ايلاف [email protected]