جاء الأمر الملكي الكريم بتثبيت جميع المواطنات والمواطنين المعينين على كافة البنود ويتقاضون رواتبهم من ميزانية الدولة، ومن يعملون في الأجهزة الحكومية ويتقاضون رواتبهم من خارج الميزانية العامة كصندوق الطلاب والطالبات، دعم الفروع الإيوائية، الغلال والأوقاف، والمتعاقد معهم في كليات خدمة المجتمع والتعليم المستمر، بشارة مطلقة لا تحتمل الاستثناءات؛ فعبارة «تثبيت جميع المواطنات والمواطنين المعينين على كافة البنود»، واضحة كل الوضوح، فجميع لا تعني شيئا غير «جميع»، وكافة لا تعني شيئا غير «كافة». ولم يكن واردا في حسبان جميع من أفرحهم الأمر الملكي أن وزير الخدمة المدنية محمد بن علي الفايز سيستثني أيا منهم من هذه الفرحة ممن تم تعيينهم أو التعاقد معهم بعد الأمر الكريم رقم (8422/ م ب) وتاريخ 25/6/1426ه، ممن يحملون مؤهلات علمية ويزاولون أعمالا لا تتفق مع طبيعة الأعمال التي تشملها مسميات الوظائف المنصوص عليها في تلك اللائحتين، على أن يكون التثبيت عن طريق لجنة مشكلة من وزارتي الخدمة المدنية والمالية والجهة ذات العلاقة وفق ضوابط تضعها وزارتا الخدمة المدنية والمالية، أو أن التثبيت لن يكون إلا لمن تثبت الحاجة الفعلية إلى تثبيتهم، وأن التثبيت سيكون على مراحل اعتبارا من العام المالي المقبل 1433/1434ه بحسب الوظائف التي تعتمد في ميزانية وزارة المالية لهذا الغرض، إلا إذا كان لدى الجهة الحكومية شواغر فيتم التثبيت عليها هذا العام بعد موافقة اللجنة، وأن الجهات الحكومية ملزمة بما ورد في الأمر الكريم رقم 8422/ م ب وتاريخ 25/6/1426ه من حيث عدم التعيين على وظائف المستخدمين ووظائف بند الأجور وبند 105 إلا بما يتفق مع المسميات والمؤهلات والأعمال التي تتفق وأهداف تلك اللوائح، وأنه لن يتم شغل وظائف البنود إلا من خلال نظام الوظائف المؤقتة الصادرة بالمرسوم الملكي رقم م/ 30 وتاريخ 12/9/1385ه، وأن يلتزم بالضوابط الواردة بهذا النظام بما في ذلك عدم استمرار المتعاقد معه أكثر مما يسمح به النظام كوظيفة مؤقتة، وأنه سيوقف اعتماد البنود التي لم يعد لها حاجة فقط، أما البنود التي لها حاجة فيجب ألا يتم التعاقد عليها إلا من خلال الإعلانات العامة وإتاحة الفرصة لجميع المواطنين المؤهلين تأكيدا للأمر الكريم رقم 7347/ م ب وتاريخ 23/9/1429ه القاضي بأن على المؤسسات والهيئات العامة والصناديق والجهات الحكومية التي لديها بنود للتوظيف بضرورة طرح وظائفها التي ترغب في شغلها في وسائل الإعلام الملائمة، وذلك لفتح المجال لجميع المواطنات والمواطنين على حد سواء للتقدم إلى تلك الوظائف. لقد فهم الجميع أن كلمة «تثبيت الجميع» الواردة في الأمر الملكي لا تعني شيئا غير «تثبيت الجميع»، وأن أمر التثبيت يعني بالضرورة إلغاء كافة هذه البنود وتحويلها إلى وظائف رسمية؛ حتى لا تتكرر المعاناة التي تكبدها آلاف المواطنات والمواطنين لسنوات طويلة. كثير من الرسائل التي وردتني ترى في تصريح وزير الخدمة المدنية تخييبا لآمالهم، وتضييقا لواسع جاء به الأمر الملكي الكريم، فالجميع قرأوا الأمر الملكي بأنه شامل للجميع وملغ لكافة البنود، وجميعهم يفهمون أن الجهات قد تحتاج إلى وقت لتنفيذ الأمر، على أن التنفيذ سيبدأ فور صدور الأمر ويأخذ وقته لاستكمال كافة الإجراءات والإحلال على الوظائف الرسمية التي ستستحدث، ولكنهم لا يفهمون كيف أن شمولية الأمر الملكي قد تحاصر ببيروقراطية التنفيذ من قبل الوزارات والجهات المعنية بتنفيذ الأمر الملكي والاحتكام إلى الحاجة للتوظيف من عدمه، وهنا تحديدا ظهرت الغرابة الأشد في تصريح وزير الخدمة ليطرح السؤال البديهي نفسه: إذا لم تكن هناك حاجة يا معالي الوزير فلماذا المواطنة أو المواطن موظف على البند من الأساس؟!. سؤال بسيط ومشروع والإجابة عليه أوضح من عين الشمس: بما أن الوزارة أو الجهة وظفت أحدا على البند يعني أنها تحتاجه ولا بد لها من أن تثبته استنادا إلى الأمر الملكي، أليس كذلك يا معالي الوزير؟!. ألا يعني ذلك أن الأمر الملكي جاء مطلقا وشاملا وعصيا على أية استثناءات قد تقصي مواطنة أو مواطنا من الاستفادة من أمر ملكي جاء بحجم حلم وطن يا معالي الوزير؟!. د. محمد الحربي عكاظ