قال تقرير رسمي لوزارة الخدمة المدنية إن جهات حكومية تحجب 110 آلاف وظيفة شاغرة أغلبها صحية وتعليمية ووظائف السلم العام، ويرى الدكتور فهاد الحمد رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى أن على وزارة الخدمة المدنية رفع تقرير مفصل عن الوظائف المحجوبة للمقام السامي يكشف الجهات الحكومية التي لم تعلن الوظائف الشاغرة لديها رغم رصد استحقاقها ضمن الميزانية ووجودها ضمن التشكيلات الوظيفية لتلك الجهات، حسب تصريح د. الحمد لجريدة الرياض أول أمس السبت. هذه الفضيحة في ظني ووجهة نظري المتواضعة تكشف النقاب عن أننا نواجه تضليلا واضحا وعدم مصداقية أشبه بالتحايل من قبل القائمين على الجهات التي مارست الحجب، لا يتناسب مع روح الشفافية والوضوح التي حث عليها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، فقد تعودنا من هؤلاء المسؤولين عن تلك الجهات ترديد عبارة (نتمنى من وزارة المالية اعتماد الوظائف) أو غيرها من العبارات التي تلمح أحيانا وتصرح غالبا أن وزارة المالية لم تعتمد لهم الوظائف وترصدها في الميزانية وكثيرا ما يعقب عبارة تحميل وزارة المالية المسؤولية ابتسامة عريضة كنا نعتقدها تشير إلى مداعبة واتضح أنها ختام لكذبة. أيا كان سبب حجب هذه الشواغر التي كان بالإمكان أن توظف 110 آلاف مواطن ومواطنة وتعيل أكثر من نصف مليون فرد من أسرهم (بمعدل 5 أفراد لكل أسرة)، هل السبب هو الحفاظ عليها لأقارب وأصدقاء ومناديب واسطات وفرص كسب بمجاملات أو كان من سوء الدبرة وضعف القدرة على الإدارة وتوظيف الشواغر في خدمة حراك المؤسسة، أو كان السبب وضع غير الإداري في موقع إداري يفوق قدراته التي لا يمت إليها بموجب المؤهل فإن الجهات الرقابية كان يفترض أن تكتشف الممارسة والسبب معا. قد يكون سوء الدبرة وعدم توفر القدرات الإدارية وغياب صفات القائد الإداري هي الأقرب كسبب ذلك أن التعامل مع الوظائف والتوظيف شأن مربوط برأس الهرم فقط، فوزارة الخدمة المدنية لا تمانع في تحوير الوظائف ونقلها إذا شرح لها مبرر مقنع، لكن كثيرا ممن لا يملكون ملكة الإدارة ولا يجيدون فنها لا يستطيعون التعامل مع الفرص واستغلال المعطيات. مؤسف جدا أن يتحمل الوطن في عصره الذهبي وصمة وصول نسبة البطالة إلى نسبة تفوق 10% والوطن من هذه الوصمة الزائفة براء، فقد رصدت الميزانية لهذا الكم الهائل من الوظائف لكنها تحجب بسبب فساد أو (قلة دبرة). لكن الأمر الذي لا يقل غرابة من هذه الفضيحة هو أن لدينا الآن القدرة الحاسوبية المتقدمة والقادرة على رصد ما هو أكثر خفاء من مجرد وظائف شاغرة ومحجوبة ومع ذلك تفوت مثل هذه الفضيحة على الجهات الرقابية دون أن تقوم بالمساءلة والمحاسبة وفضح الممارسة وفرض التوظيف وإشغال هذه الشواغر، وهي الأمور التي برأ د. فهاد الحمد وزارة الخدمة المدنية منها كجهة إشرافية فقط لا تستطيع إلزام تلك الجهات بإعلان الشواغر، لكن الجهات الرقابية لا يمكن إعفاؤها من المسؤولية. محمد بن سليمان الأحيدب عكاظ