الحديث عن الفساد ومظاهره وتعدد أسبابه لا يمكن حصره في مجموعة مقالات أو ذكر بعض الأمثلة العابرة، لكن ما أعنيه في مقالاتي السابقة هو عجز كثير من المؤسسات الحكومية عن إدارة ذاتها وضبط نظامها والعمل على تفسيره ونشر الثقافة الإدارية والتنظيمية، وما تعيشه من تخبطات وانعدام للاستراتيجيات المبنية على أسس معروفة ومدروسة، إضافة إلى ضياع مقدرات البلد بسبب الوافدين، ناهيك عما يسببه أولئك من إضعاف للقيم والعادات والتقاليد، وما لهم من أثر على كثير من الأخلاق العامة، وما يسببه أولئك من نشر للشر والرذيلة، إلا من رحم الله؛ وعليه فإنني أتقدم باقتراحي هذا للجهات المعنية سواء وزارة الداخلية أو غيرها من الجهات ذات العلاقة بأن تعمل مع أولئك الوافدين ما يُعمل به في كثير من البلدان الأخرى، حتى مع السعوديين أنفسهم، وذلك بإحال الوافد حين وصوله للجهة المختصة (وقبل منحة الإقامة)؛ لإجراء مقابله شخصية من خلال مختصين مهرة، يفترض منهم معرفة سلوك ذلك الوافد بحيث يخصص له ملف خاص، يُتابع من خلاله، وذلك أثناء فترة إقامته، وعند التجديد تُعاد معه المقابلة؛ ليتم كشف الفرق؛ فقد يكون لها نتائج إيجابية من خلال كشف الجريمة أو سد ثغرة أمنية معينة ومعرفة الحجم المالي الذي حصل عليه وكيف صُرف وإلى أين، وغيرها، وبهذا نكون قد تمكنا من ضربنا عصفورَيْن بحجر كالآتي:- 1- توظيف عدد كبير من المواطنين، خاصة الجامعيين، في مثل اللغات والترجمة وعلم النفس والجريمة وغيرها. 2- عرفنا سلوك هؤلاء ومدى السلبية والإيجابية. 3- القضاء على الجريمة وانتشار الفساد الأخلاقي والمادي. أما بخصوص مقال اليوم فهو التفاعل من المتابعين كافة مع المقالات السابقة، وهذا يزيدني شرفاً وإصراراً في المتابعة؛ حيث أقدم هنا كل الشكر والتقدير والمحبة لكل من ناصحني وطلب مني عدم الاستمرار في نشر مثل هذه المقالات؛ لما قد تسببه من حساسية لدى كثير ممن لا يحب هذا المصطلح؛ فأقول لهم: ألف شكر على محبتكم وحرصكم، وأبشركم بخير. إننا نكتب ونتكلم، ونحن في ظل الله ثم ظل قائد الإصلاح والتطوير خادم الحرمين الشريفين الذي يضرب بيد من حديد على المقصرين لما فيه خير وصلاح المواطن، وبخاصة بعد كارثة جدة. وقد رأينا أن مثل هذا النقد والبرامج تؤتي ثمارها، كما أنني أراهن بأن النقد وإبراز أسباب الفساد يساعدان على القضاء على كثير منه، والشاهد على ذلك ما ذكره جيم كولينز في كتابه "أفكار دراكر" اليومية في الإدارة بأن هناك طريقتين لتغيير العالم: الطريقة الأولى تكمن في القلم، والطريقة الثانية عن طريق السيف؛ فالقلم يُنشّط عقول آلاف من يحملون السيف، مع إيماني بأن النقد والكتابة وتقديم الحلول والاقتراحات تؤدي إلى نتائج إيجابية وحقائق مختلفة تؤدي إلى تغيير الواقع نحو الأفضل. فنحن نستمر، وبالله التوفيق. د.عبدالله بن فلاح الناهسي الوئام