اتخذ البعض من نقاش قضية هيلة القصير، الإرهابية الأخطر في تنظيم القاعدة، وسيلة إلى قلب المعادلة وكسب التعاطف معها بدل إدراك الخطورة التي تهدد مجتمعنا في حال إن تكاثر أمثال هيلة ووصلوا إلى ما وصلت إليه من النفوذ والدعم الكبير من التنظيم، الذي أحدث فينا الكثير من الانقسامات، سواء داخل الأسرة أو القبيلة أو حتى داخل الوطن نفسه. ويجب أن نعترف بالحقيقة المرة أن هيلة لها أشباه كثر، إن لم يكن بنفس قربها من تنظيم القاعدة فهن الأخطر من حيث تعميق الولاء في النفوس وجمع أكبر عدد من المؤيدين، متخذين من الدعوة قناعا للوصول إلى مبتغاهم، وتلهبك، وأنت على مسافات بعيدة، نار الكراهية والتطرف وقد أججتها تلك الداعيات بين شرائح عدة من المجتمع، وخاصة النساء وتجمعاتهن في مؤسسات التعليم العام والجامعات. وشيء من ذلك التأثير تحدث عنه عضو لجنة المناصحة الدكتور إبراهيم الميمان في عدد «عكاظ» الصادر الجمعة الماضية 26/6 حيث قال: (إن هناك مؤشرات تدل على تأثر وتعاطف الفتيات في الجامعات والكليات بالفكر المتطرف، وأردف أيضا أن الجامعات ومؤسسات التعليم العام والمدارس يشوبها القصور في أداء واجبها تجاه تحصين الفتيات من أخطار التشدد والفكر المنحرف، وقال: «لازال دور الجامعات وما دون الجامعة قاصرا والجهود الموجهة لا تتناسب مع حجم ومستوى التأثير الواقع بين الفتيات»، واصفا ذلك بأنه «غفلة وحسن ظن تجاه المرأة»). وقد أحسن الدكتور الميمان بتوضيح الصورة، فيما عمد البعض، عن قصد أو بدونه، إلى التقليل من خطورة الوضع، بل وشكك في صحة الاتهامات المنسوبة لهيلة القصير، متذرعا بأن نتائج التحقيقات لم تظهر، كما فعل عميد كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الدريس، في مقابلة مع القاسم في برنامج البيان التالي على قناة دليل، وهو بذلك متناقض مع ما ذكره عضو المناصحة عبدالله السويلم، الذي ذكر أنه قام بمناصحة المذكورة واعترفت بانتمائها للقاعدة وأنها، على حد زعمه، تراجعت خلال مدة قصيرة لم تتجاوز الساعتين، وهذا من المأخذ على تصريحات أعضاء المناصحة، وهو تراجع الكثيرين وإظهار الندم في زمن قياسي لا يعادل اليسير من التعبئة الفكرية والعقائدية لهذه التنظيمات، والتي اعتنقها أفرادها اعتناقهم للدين، مما يجعل من تراجع الفرد عن أفكاره ليس بالسهولة التي يتحدث ويصرح بها البعض. نحتاج أن نكون أكثر صدقا في محاربة هذا الفكر ومن يسعى لأن يكبر ويتفرع داخل الوطن، وأن نجتهد لتعميق مبدأ الانتماء، فهو الأقدر على الوقوف في وجه التيارات، حتى العاتية منها، وليس لنا أن نغفل أو نغض الطرف عن متابعة من جندوا أنفسهم ليكونوا دعاة بشكل مختلف عن المراقبة ومعرفة حقيقة ما يزرعون في المجتمع، لأن من مبادئ الدعوة الحق التسامح واللين وليس الغلظة، وتصنيف الأمة هذا مسلم والآخر كافر تتوجب معاداته بل وقتله، وإن لم تستطع فخذ بأضعف الإيمان تجريمه وقذفه بالمنكر ثم اجعل دمه مهدورا عل أحدهم يقتله فيضفر بالأجر! الدولة تبذل جهدها لمحاربة الإرهاب والتطرف، ونحن يجب أن نقوم بدورنا في هذا الأمر كل في موقعه، أبا وأما، مربيا وباحثا، خصوصا من يشرفون على الكراسي البحثية في الجامعات، وبعضها يعنى بالجانب الفكري والوحدة الوطنية وترعى من قبل سمو النائب الثاني، ومن مناسبة القول أن وفدا من إحداها يمثل كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قام بزيارة لجامعة نجران، وحسب ما ذكرت إحدى الصحف الإلكترونية فقد ألقى الدكتور عبدالعزيز الغريب، العضو في الوفد، محاضرة تحدث فيها عن المقصود بالممتلكات العامة والخاصة وكيفية المحافظة عليها وعدم الاعتداء والتعدي على حقوق الآخرين، وتم عرض صور تبين بعض الممارسات الخاطئة التي يرتكبها الشباب في الأماكن العامة والخاصة. فكم سيكون جهدك أكثر أثرا لو استثمرت اللقاء مع هؤلاء الشباب وجعلت موضوعك في مجالك الأكثر اتساعا وهو الوحدة الوطنية وكيف نحييها في النفوس، خصوصا والظرف ملح لطرح مثل هذه المواضيع ولا بأس من التفرع إن اجتهدنا لإيصال المهم. فاطمة ال تيسان / صوت الاخدود