انتصر والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لجدة وأهلها الذين أصابهم ضرر بليغ بعد كارثة الأمطار، حيث أصدر حفظه الله أمرا ملكيا بصرف تعويضات لأسر الضحايا، وتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب هذه الكارثة، ومحاسبة كل من يثبت وقوفه وراء هذه المأساة (كائنا من كان). وهذا الموقف الكبير من الملك العادل يشكل دعما استثنائيا لعملية محاربة الفساد، وضرب رموزه الذين تسببوا في كارثة ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء. ونحن اليوم أمام لحظة تاريخية لمحاسبة هؤلاء الذين عبثوا بحياتنا واستهتروا بمستقبل أبنائنا وصنعوا ثرواتهم على حساب معاناة وآلام البسطاء، ولابد أن تطال يد العدالة كل واحد منهم (كائنا من كان). ما حدث في جدة يمكن أن يحدث في الرياض أو في المدينةالمنورة أو في المنطقة الشرقية أو في الجنوب أو الشمال. ما حدث في جدة يمثل ضربة موجعة لمسيرة نصف قرن من التنمية، ويضر بسمعة دولة طموحة ضمن مجموعة العشرين تسعى باجتهاد كي يكون لها مكان مرموق بين الأمم المتقدمة، لذلك فإن الحديث بنصف لسان يضر بالوطن والمواطنين، ومن واجب كل الأجهزة الرقابية في هذا البلد أن تكون عين الأمة، ومن واجب وسائل الإعلام وفي طليعتها الصحافة أن تفضح كل من يتورط في هذه العمليات المشبوهة ويتسبب في إزهاق الأنفس البريئة (كائنا من كان). وفي هذا العهد الميمون الذي تميز بالشفافية في مناقشة قضايا الوطن، أتيحت لوسائل الإعلام متابعة العديد من المحاكمات ومهمات التحقيق في قضايا مختلفة، بعضها كان أقل ضررا من كارثة أمطار جدة؛ لذلك فإن المتابعة الإعلامية لمجريات التحقيق في هذه القضية وتمكين وسائل الإعلام من الاطلاع على نتائج التحقيق سوف يساهم في طمأنة المواطنين بأن حقهم لن يضيع، كما أنه سوف يوجه رسالة صريحة لكل من تسول له نفسه العبث بالأموال العامة بأنه لن يكون بمنأى عن العقاب والتشهير (كائنا من كان). لن نكون ملكيين أكثر من الملك حفظه الله وأمد في عمره وأملنا كبير بعد الله بالأمير خالد الفيصل الذي اختاره الملك على رأس لجنة التحقيق وهو الرجل الذي عرف بمواقفه الصارمة من الفساد والمفسدين بأن يلقى المخطئون جزاءهم العادل، ويبعد المقصرون عن مواقع المسؤولية التي لم يكونوا أهلا لها، وتشطب الشركات التي لم تلتزم بتعهداتها، وأن تطال العقوبات كل مدير أو موظف أو مهندس فاسد (كائنا من كان).