ذكر فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبته اليوم الجمعة 13 / 1 / 1438 أن الأسرة المسلم ركن رئيسي من أركان المجتمع المسلم المتكامل, واضاف إن لها الأثر البالغ في المجتمع قلَّ أو كثر, لذلك أكدّ الإسلام على أهمية الأسرة ومدى تأثيرها البالغ على المجتمع المسلم إيجاباً أو سلباً, كيف لا والأسرة هي أساس النشأ والتكاثر. ووجه الشريم رسالته للمجتمع بأن العنف الأسري لهو من أعظم ما يهدد كيان الأسرة المسلمة, وهو شر كله والرفق خير كله وما كان العنف في شيء إلا شانه و ما نزع من شيء إلا زانه, وإن كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه, العنف داء لا خير فيه وهو قبيح يعظم قبحه وضرره حينما يطال ذوي القربى فإن العنف ظلم ووقعه على ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. وقال فضيلته العنف عباد الله سلوك مشين متعمد يلحق الضرر بالعنف جسدياً أو مالياً أو نفسياً وهو يصل في بعض المجتمعات شبه ظاهرة لتكاثر وقوعها وفداحة مغباتها, ولكن ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله, وإن ديننا الحنيف لم يدع لنا خيراً إلا دلنا عليه ربنا في كتابه العزيز, فقد قال الله سبحانه في محكم التنزيل: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* ) سورة المائدة 27-30 . هذه صورة واحدة من العنف الأسري وهي أعلاها خطراً وجرماً لبلوغها درجة إزهاق النفس بغير حق, وما دون ذلك من الصور لا يمكن حصره غير أن من أهمه الضرب المبرح أو التهديد بالطلاق أو الحرمان من النفقة أو الظلم في العطية بين الأولاد أو بين الزوجات ونحو ذلك. واضاف بقوله ناهيكم عباد الله عن ما ينتج عن العنف من جرائم ووقوع في المسكرات والمخدرات هروباً من ذلكم الواقع المؤلم, وقد يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلكم ليصل درجة الانتحار من قبَل المعنف نفسه, ولربما تشربت الأسرة خلق العنف من ممارسة الوالدين لهما ليكرر الطفل ذلكم حينما يكبر فتصبح وراثة خلقية أو أن يصاب الأولاد بالقلق والاضطراب النفسي خوفاً من المستقبل فيكرهون الزواج ويكرهون الأسرة فينقلبون عبئاً ثقيلاً على المجتمع أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وتربوياً. فإنه لزاماً على المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية العام منها والخاص أن تعنى بتلكم المضلة أيما عناية وذلك بالتوعية الفكرية المنضبطة وتحصيل سبل استقرار الأسرة في المجتمع.