فإن من آلاء الله تعالى ما أفاءه جل وعلا علينا من ولاة الأمر الذين ينهجون النهج الإسلامي القويم، من التآلف والوئام، والتعاضد والاعتصام، والتعاون على البر والتقوى، انطلاقاً من قول المولى جل وعلا:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ (المائدة 2) ومن تحقيق أوامر الأخوة الإسلامية كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات 10)، وقوله :" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" ( متفق عليه ) ، وقوله :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"( متفق عليه ). ولقد أتحفنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والذي تم إنشاؤه انطلاقًا من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج، والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته، وامتدادًا للدور الإنساني للمملكة العربية السعودية، ورسالتها العالمية في هذا المجال؛ تضميدا للجراح وسيرا في دروب الصلاح والنجاح والفلاح. وسيكون هذا المركز مخصصًا للإغاثة والأعمال الإنسانية ومركزًا دوليًا رائدًا لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة بإذن الله. إنه بحق مأثرة تاريخية ومفخرة إنسانية ومبادرة حضارية ونقلة إغاثية نوعية. وهذا الذي أكده خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله وأيده – حيث قال:"إن هدفنا ورسالتنا ستكون السعي جاهدين لجعل هذا المركز قائمًا على البُعْد الإنساني بعيدًا عن أي دوافع أخرى، بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الإغاثية الدولية المعتمدةِ، وحرصًا منا على إخواننا في اليمن الشقيق، وفي إطار عملية إعادة الأمل فسيُولي المركز أقصى درجات الاهتمام والرعاية للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني العزيز على قلوبنا جميعًا"، ولله در القائل: هو البَحْرُ من أيِّ النّواحي أتيته فلُجَّتُهُ المعروفُ والجُودُ ساحِلُهْ ولو لم يَكُنْ في كَفِّهِ غير روحه لَجَادَ بها فليتقِّ الله سائِلُهْ وإن هذا السعي الحثيث المبارك من خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله- يسهم أيما إسهام في رقي المجتمعات الإنسانية نحو الكمالات التي جاءت بها الرسالات السماوية. وهذا – ولله الحمد- هو نهج المملكة منذ عهد الإمام المؤسس الملك/ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله. وما أحسن قول بعض أهل العلم:" إن الله جعل الإمام العادل قِوَام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف." لا تزال أيها الإمام الموفق محبوًا من الله بعز النصر، ودرك الأمل، ودوام العافية، وتمام النعمة، وحسن المزيد، و تتابع المكرمات. اللهم زده من الخيرات، وابسط له في البركات، حتى يكون كل يوم من أيامه موفيًا على أمسه، مقصرًا على غده، وابسط له من العناية مهادا، وافسح له في جوانب القبول آمادا. ألا فليحفظ الله خادم الحرمين الشريفين من كل سوء ومكروه، وثبته دومًا على طريق الخير والحق، ووفقه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، ووفق جميع القائمين على هذا المركز الوضيء إلى كل خير وصلاح، وجعل بلادنا –بلاد الحرمين الشريفين- منارة شامخة لنصرة الإسلام وقضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والإنسانية جمعاء، إنه جواد كريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.