* الخرج في ضوء الإصطلاح الحضاري: تتسم المؤلفات عن حضارة الخرج في العصر الإسلامي بالندرة، ورغم ذلك فإن أول ما ذكره فيلبي في 1917-1918 عن ثقته الكاملة أن المنطقة جنوب نجد تحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب والاهتمام وإن حدث ذلك فإنها ستظهر أن منطقة الخرج ربما مدفون تحتها العديد من المدن التاريخية، ويضاف إلى ماذكره فيلبي وما يمكننا ذكره كدافع لدراسة هذه المنطقة وإلقاء الضوء عليها ماذكر بين ثنايا المصادر سواء كانت مصادر جغرافية أو مصادر تاريخية مثل الهمداني والحربي والمسعودي وياقوت. وقد حدد فيلبي أكثر من ستة عشر موقعا أثريا في واحة الخرج. ثم لحقة في ما بين 1980 حتى 2000م حفائر مهمة قام بها الغزي والتي أسفرت عن الكثير من المعثورات الأثرية المهمة. لوحة (1) خريطة توضح موقع الخرج قبل التطرق إلى تتباع الشكل العمراني والحضاري لمنطقة الخرج يجدير بنا أن نتعرف على مفهوم الحضارة. التي تحققت جوانبها في منطقة الخرج. ما هي الحضارة؟… الحضارة بمفهوم شامل هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، أي أنها لا تقتصر على الآثار المادية بل تشمل كل اصناف الحضارة وكذلك الدوافع والعوامل التي نشات في ظروفها الحضارة. وتتألف الحضارة من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والظروف البيئية ، والجوانب الإبتكارية. وقد توفرت في الحضارة الإسلامية عامة هذه العناصر. فشكل النظام الاقتصادي للدولة الإسلامية بمفهومها الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم موردا اقتصاديا. وشكلت النظم السياسية كذلك دافعا للتنوع والاثراء وتقبل الآخر. وكانت عالمية الدولة الإسلامية واحتضانها لكثير من الثقافات والجنسيات المختلفة جانبا مهما دفع الحضارة الإسلامية إلى اشتمالها على العديد من البيئات المناخية والطوبوغرافية المتنوعة. بالإضافة إلى رغبة الإنسان المسلم إلى التطور الذي كان القرآن محركا أساسيا له للابتكار والتغيير. لوحة ( 2 ) المدينة الأثرية المحيطة بعين فرزان غرب واحة الخرج وفي ضوء ذلك فإن حضارة الخرج. فقد كانت هي الآخرى صورة مصغرة للمفهوم الشامل للحضارة الإسلامية عامة. ولكن في إطار شرح الدلائل الحضارية في منطقة الخرج. وقبل أن نستطرد في شرح ملامحها الحضارية. سنتوقف مع معنى الإسم الذي لفت نظر الكثير من العامة والخاصة وطرحوا في إطار تفسيره الكثير من الأراء. والتي أرى من المناسب مناقشتها لما تحمله من معنى حضاريًا مهم. فما هي الخرج. وما هو معنى اسمها؟ الخرج في اللغة هو الوادي الذي لا منفذ له. وهذا ينطبق على هذه المحافظة المهمة حيث أن الأودية التي تصب فيها تتجه شرقاً في روضة السهباء وتحجزها رمال الدهناء، والخرج أيضاً المراد به الغلة مما يخرج من الأرض ومنه قول الله: (أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير). والخراج هو ما ينطبق على الخرج فهي منطقة زراعية منذ أقدم العصور، والتسمية قديمة منذ عهد الملك جديس قبل العصر الإسلامي، حيث يقول شاعر الملك الحميري أسعد أبي كرب الأوسط وبعثنا إلى اليمامة جيشاً وجعلنا الخرج منزل قيس فأتيناهمُ بحزم وجد قد أقروا بالخرج من غير عهد ومما يجدر ذكره في هذالصدد أنه قد ورد ذكر الخرج عشرات المرات في كتب الرحالة والجغرافين والمؤرخين، ومع ذلك.. إن الإجابة على تساؤلاتنا غير واضحة. فما هي الخرج؟ وهل حددت المصادر التاريخية حدودها؟، فمما لا شك فيه أن الخرج التي نقصدها ليست الحدود الحالية، ولكننا نبحث في صورة الخرج خلال العصر الإسلامي. وقد حاول باحثين تحديد منشأ اسم الخرج، وأولهم هو فيلبي الذي اقترح أن منشأ اسم الخرج هو طبيعة مكانه الذي تكثر فيه العيون التي تظهر بهيئة خروق. ويعتمد في اقتراحه هذا على إمكانية استبدال حرف القاف، بحرف الجيم، بين لهجات المملكة العربية السعودية. ويضرب مثلا على ما يعتقد بنطق العام لإناء الطبخ " القدر" في لهجة أهل الوسط، بينما يكون نطقه في لهجة أهل الشرق " جدر" ، وبهذا يصل إلى أن الاسم الأصلي للمكان هو الخرق، ومع مرور الزمن استبدل حرف القاف، الجيم. ) بينما أشار عبد الله بن محمد بن خميس أن الاسم مأخوذا من طبيعة المحافظة التي تأخذ شكل الوادي الذي لا منفذ له، أو أنه مأخوذ من الخراج " الغلة" التي كانت المحافظة تدفعها للخلافة الإسلامية وكلا الرأيين السابقين لازالا يتطلبان مزيدا من البحث، فالرأي الذي يربط الاسم بالخراج يوحي بأن الخراج كان يجمع فقط من المحاظفة التي تعرف اليوم باسم الخرج، وهذا يخالف ما يرد من المصادر التاريخية الذي ينص على أن الخراج كان يجمع من المحاظفات الواقعه على الامتداد الجغرافي في منطقة اليمامة، كما كانت تعرف في المصادر الإسلامية، والتي قد تشمل امتداد جغرافيا يبدأ بالقصيم في الشمال حتى وادي الدواسر في الجنوب، بينما ناقش محمد بن سلطان العتيبي وكذلك نزار بن عبد اللطيف الحديثي، وذكروا أن الاقتراح ذاته يوحي بأن الإسم إسلامي النشأة وهذا يخالف ما ورد في بعض الأشعار القديمة التي تذكر اسم الخرج قبل ظهور الإسلام. وقد أورد الحربي عن الخرج في القرن الرابع الهجري تحديدا لها، انها منطقة بالطريق التجاري بعد خروجه من حجر يمر بالخضرمة ثم يأتي بعدها الخرج. وذكرها الأصفهاني أن الخرج وادي كبير كثير الزرع. وحدد الهمذاني أن المنازل من اليمامة إلى اليمن تبدأ بالخرج، وحدد في الوقت نفسه ياقوت الحموي الخرج على أنه واد من أودية اليمامة يشتمل على قرى عديدة. وأورد الهمداني أيضا خلال القرن الرابع الهجري نصا شاملا يشخص توزيع المستوطنات في وادي الخرج، نورده كاملا في قوله: ثم تسير في السهباء ثم تقطع جبيلا يقال له أنقذ ثم الروضة ثم ترد الخضرمة مدينة وقرى وسوق فيها بنو الأخيضر بن يوسف وهي دار عدي بن حنيفة، وديار هوذة بن علي السحيمي الحنفي وهو أو اليمامة قصد البحرين…." ويتضح من ذكر الهمداني أن الخرج اسم لمستوطنه تقع في جنوبي محاظفة الخرج حول جبال الدام، تلك الجبال المنخفضة التي تأتي من شرقي المحافظة إلى غربيها حيث تحف بعيون خفس دغرة التي من المرجح أن موقع الخرج القديمة يقوم حولها. وفي نهاية ما أورده الهمذاني عبارة مهمة. فيقول" الخرج قاع مثل يدك وحصون ويدفع فيه من الأودية نعام وبرك ووادي المجازة". أولا: منشآت المياه بالخرج: يعتبر فرزان من أهم المجاري المائية التي كانت تسقي بلدة السلمية وقد أثبتت الدراسات والبحوث ان مجرى فرزان يعود ما قبل الإسلام وذلك من خلال ما وجد من قطع خزفية الموجودة في سلسلة الخرز حالياً كما ذكر ذلك الدكتور عبدالعزيز الغزي في كتاباته وذكر: ابن خميس: عين كانت تقبل من غرب الخرج مما يلي أسفل (وادي نساح) من جبل (منقاد ادم) يشرف على غربي الخرج ومفيض (وادي نساح) فيه مما رجح ان يكون هو (الآدمي) الذي عناه جرير في شعره. وعين فرزان هي عين تقع في قرية البدع وهي من أهم المجاري المائية التي كانت تسقي بلدة السلمية التاريخية، يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الإسلام، ويبلغ عمقها مابين 10 – 12 م، فيما يصل طولها إلى نحو 4500م إذ تمتد من جبال فرزان وتمضي باتجاه بلدة السلمية. وتوجد على المجرى قناطر تتكون من سقف جملوني ترتفع نحو متر ونصف المتر، ولغزارة مياه المجرى في أولها فإن فتحات القناطر واسعه من بدايتها ثم تضيق تدريجيا إلى نهايتها. مما يجدر ذكره أنه قد زودت الطرق التجارية وطرق الحج بعدد كبير من برك المياه والقنوات والعيون والآبار، التي كانت تبنى في المحطات الرئيسية والمنازل المخصصة لاستراحة المسافرين، ولم يدخر الخلفاء والأمراء أو السلاطين والقادة والوزراء جهدا لتعهد مرافق الطريق بالإصلاح والتعمير وتزويده بكل جديد . شكل (1) مخطط رأسي لعين فرزان ولقد اختلفت أنواعها من حيث الشكل المعماري والحجم، وقد درج تقسيمها إلى : العيون الدائرية، المستطيلة والمربعة، وأنشئت أخرى على شكل مجمعات يحيط بها سور أو جدار واحد، كما عثر على مثمن الشكل، وقد يوجد في المحطة الواحدة أكثر من بركة أو عين وتكون هذه العيون والآبار متجانسة من حيث الشكل، وتبنى منفردة في بعض الأحيان أو متصلة بأحواض في أحيان أخرى وتبنى عادة في أماكن منخفضة في سهول مستوية أو بالقرب من مساقط الأمطار والسيول وتكون بعيدة عن تيارات المياه ومسارات السيول القوية، وتصل المياه إلى هذه العيون والبرك أثناء سقوط الأمطار مباشرة على البرك نفسها أو من خلال قنوات وسدود جانبية تمتد عبر ممرات الأودية والشعاب . وتبنى هذه العيون من الحجار الصخرية المتوفرة في البيئة أو أنها تجلب من المناطق الأخرى في حالة عدم توفرها، ولذلك فإننا نجد أن بعض البرك مشيدة بالأحجار الجرانيتية والبازلتية والبعض الآخر شيد من الحجر الكلس، وتستخدم المونة في تماس الأحجار بعضها مع بعض. ثانيا: الخرج محافظة مصنعة الخزف الإسلامي والصناعات الأخرى: لوحة(3 ) منظور فوتوجرامتري للتكوين العام لفرن الخزف المكتشف بمحافظة الخرج نشر باحث ألماني مقالة في غاية الأهمية عن مصنع من القرن الثالث والرابع الهجري كان مصدرا ومصنعا للفخار والخزف الذي كان في ذلك التوقيت من السلع الأساسية في التجارة في العالم الإسلامي، وهذه المعثورات الخزفية دليلا قاطعا ليس فقط على وجود مستوطنة تقليدية بل تشير إلى وجود مدينة إسلامية متحضرة. فقد اتفق غالبية الباحثن في هذا الصدد على أن اللقي والمعثورات الخزفية المكتشفة في المملكة العربية السعودية هي إما مستوردة من الشام او مصر او العراق. واكتشاف مثل هذه المصانع دليلا قاطعا على ما كانت تحتله منطقة الخرج من تطور عمراني وأهمية صناعية لصناعة وتصدير المنتجات الخزفية. وقد اكتشفت أنواع مختلفة بأعداد كبيرة من اللقية الخزفية في هذا الموقع سواء من الخزف أحادي اللون أو ذو الألوان المتعددة التي تطلب في صناعتها وجود أفران متخصصة ومعاملة متخصصة لتحديد وتثبيت الألوان على طبقات الطلاء الزجاجي. لوحة ( 4 ) أمثلة من الصناعات الفخارية المكتشفة بالفرن الخزفي بالخرج ومن الصناعات التي ازدهرت أيضا صناعة المعادن مثل أسنة الرماح فيذكر أبو حنيفة أن حدائد حجر مقدمة في الجودة، ووصف الفقية عيسى بن أبان بن صدقة صناع اليمامة بأنهم يربون الملاقيط كناية عن دقتهم في الحرف المعدنية، واشتهرت اليمامة بصناعة النبال والسهام والأقواس، ويستفاد من شعر عبادة بن البراء أحد بني عبد الله بن جعدة أن الحدادين كانوا موجودين في أسواق حجر وكانوا يقومون بصناعة الآلات الحديدية التي يحتاج إليها السكان. * ثالثا: التطور المعماري: احتضنت منطقة اليمامة مسجد مهما من المساجد الجامعة التي عكست عناصرها المعماريه وشكله التخطيطي اتساقا وتشابها مع المساجد الجامعة الكبيرة في العالم الإسلامي. عناصر معمارية ووحدات تتفق مع التطور المعماري الذي وصل له فن البناء في العصر العباسي، فوجدت المساجد الكبيرة التي تتألف من صحنا أوسطا مكشوفا وأروقة تحيط به، بالإضافة إلى تلك الدعامات الاسطوانية الدقيقة البناء والتي شيدت في صفوف تعرف باسم صفوف البائكات. وهو يمكن تحديده من دراسة المسجد الجامع المكتشف مؤخرا في منطقة اليمامة. وتأتي أهمية هذه المنطقة حيث إنها تقع في قلب شبه الجزيرة العربية؛ ويحتل موقع اليمامة الذي يشغله هذا المسجد أكبر مستوطنه قديمة ذكرت بمنطقة الخرج ويقع في وسط واحة الخرج غرب التقاء وادي حنيفة ونساح وأول من ذكره هو جون فلبي سنة 1920 م. ويقع مسجد اليمامة ضمن موقع اليمامة الأثري (البنّة)، بمحافظة الخرج، الواقعة على بعد 80 كم جنوب مدينة الرياض عاصمة السعودية. يشغل المسجد حيزا صغيرا من مستوطنة أثرية ضخمة، قدر تأريخ أقدم مرحلة استيطان فيها إلى القرن الأول قبل الميلاد، واستمر حتى 1056ه/ 1650م. لوحة (5) منظر عام للمسجد بعد عمليات التنقيب الأثري هذا المسجد لا يعكس فقط صورة من صورة فن البناء المعماري بل يعكس أيضا مرحلة دقيقة من تاريخ الإسلام، إذ عثر تحت أرضية مسجد اليمامة على آثار مسجد أقدم، أرخ بفترة مبكرة جدا تعود إلى السنوات الأولى من العصر النبوي. وتتجه قبلة هذا المسجد 280 درجة شمالا، إلى مكان يقع بين بتراء ومكة المكرمة؛ مما يرجح أن قبلة المسجد كانت إلى بيت المقدس، وهو ما رجح أن بناء المسجد تم قبل سنة 2ه/ 624م. إلا أن أعمال الحفر الأثري وتحليل بالكربون المشع قد أرخت البناء الحالي للمسجد إلى العصر العباسي يتألف تخطيط المسجد من مساحة مستطيلة يبلغ قياساتها 40 م × 28 م؛ يتكون من رواق قبلة؛ يطل على صحن يتقدمه ولا يشتمل المسجد على أية أروقه جانبية؛ يبلغ قياسات الصحن 25.5م × 27م؛ ويبلغ طول الصحن ضعفي عمق رواق القبلة؛ إذ يبلغ عمق رواق القبلة 12 م أما عمق الصحن فيبلغ 25.5م؛ يخلو مساحة أرضية الصحن الحالية من أية أبنية؛ ويلاحظ عدم انتظام سمك الجدران المحيطة إذ يلاحظ سمك الجدران الجانبية يبلغ 1.07 م أما سمك الجدار المقابل الرواق القبلة فهو أقل في سمكة إذ يصل إلى 70 سم . وتخطيط هذا المسجد من الطرز التي دارت حولها الكثير من الإشكاليات البحثية، إذ لا يتبع التخطيط المكون من صحن أوسط وأربعة أروقة وهو التخطيط التقليدي للمساجد. وفي ذلك دلالة واضحة على تنوع الطراز المعماري الإسلامي وثراءه. خاصة أن تاريخ هذا المسجد يعود إلى العصر العباسي وليس الفترة المبكرة من العصر الإسلامي. لذلك فإن استمرار تنوع التخطيطات للمساجد منذ الفترة المبكرة وخلال العصر الإسلامي؛ ما يدفعنا إلى الافتراض إلى أنه ربما كان المسلمون في بداية الأمر يسيرون على درب عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا أنه بمرور الوقت أصبح المجتمع الاسلامي والمدينة الإسلامية تتضمن الكثير من العوامل التي ربما أثرت في تغير شكل تخطيط المساجد. وبالنسبة للمساجد ذكر أنها مساجد للصلوات الخمسة؛ وقد حدد بعض الباحثين أن هذه المساجد تتبع هذا التخطيط لأن منشئها ليس السلطان، وإنما شخصيات دينية أو بعض رجال الدولة. أو بعض التجار في دروب الحج من حيث شكل ووظيفة المساجد المرتبطة بالاستيطان الحضري التجاري في تلك المنطقة. يشار أن حجم المسجد ومساحته وتخطيطه تأثر بعدد من العوامل؛ أهمها مقدار الكثافة السكانية في المنطقة، وكذلك الازدهار الاقتصادي. وهو نفس الأمر الذي عالجته كل من مساجد طريق الحرير ودرب زبيدة وكذلك كل دروب الحج الشامي واليمني باستخدامهم تخطيط المسجد المستطيل بطرق مختلفة عن بعضها البعض . ويمكن فهم حجم العمران وتقسيمه إلى مناطق سكنية صغيرة متجاورة؛ أشبه بقرى منفصلة؛ من خلال التدقيق في كل مرحلة من المراحل العمرانية التي مرت بها الطرق التي تقع عليها المساجد موضوع؛ وهو ما دعمته أوصاف المحطات التي قدمتها كتابات المؤرخين والرحالة. رابعا : الجانب الأدبي والتراثي: كانت الأسواق الموسمية معروفة عند العرب قبل الإسلام مثل سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز وصنعاء وعدن وغيرها من الأسواق التي كانت تعقد في أيام محددة من السنة للبيع والشراء ويحضرها الشعراء وغيرهم ولها محكمون يحتكمون إليهم، ويحضرها بعض الخطباء، وقد ازدهر النشاط التجاري في سوق حجر في اليمامة ازدهارا كبيرا خاصة في صدر الإسلام والعصر الأموي، بسبب توافر الانتاج الزراعي والصناعي والبضائع المختلفة وتيسر طرق المواصلات. ويشير عبد الله بن محمد السيف أن سوق حجر في اليمامة اسهم مع الأسواق الموسمية الأخرى في الجزيرة العربية ازدهار النشاط التجاري، ثم أن سوق حجر كان أيضا مركزا أدبيا يحضره الشعراء والخطباء للإنشاد وعرض قصائدهم ومفاخراتهم وخطبهم. وبعد: فإن الخرج من الواحات الرئيسية بمنطقة نجد في قلب المملكة العربية امتازت بظروف بيئية مناسبة جعلتها من أكثر المناطق جذبا للمجتمعات المستقرة في وسط الجزيرة لذلك يظهر أنها استراحة رئيسية تتوقف القوافل بها على طرق التجارة وممر رئيس كان يربط اليمن والحجاز بالخليج والرافدين. ولابد أن البيئة المؤاتية التي جعلت من هذه الواحة مناسبة للدراسات الأثرية والتاريخية، ومع هذا قلما توجد دراسات تهتم بهذا الجانب، أو دراسات أثرية تبحث في البقايا الأثرية في منطقة الخرج.