تمثل الأوقاف المهجورة في كثير من أحياء محافظة الدلم عائقاً تنموياً لتطوير تلك الأحياء، حيث إنّ العديد من هذه الأوقاف قد أوقفت قبل عدة عقود لأعمال الخير والبر، ولكنها أهملت وتركت على حالها لسنوات دون تنميتها أو نقل منفعتها إلى أماكن أخرى بما يحقق شروط الواقف. بعض هذه اﻷوقاف المهجورة إما غير صالح للاستغلال بسبب أنّ الحي أو المنطقة قد هجرت، كأن تكون في بلدة قديمة أو في وسط بلد وقد انتقل عنها سكانها إلى أحياء مستحدثة، أو أن يكون الوقف المهجور بالنظر إلى كون الولي عليه لم يقم بحق الولاية عليه وأهمله، وقد يكون مهجوراً بسبب حاجته إلى إجراءات لإثباته وإثبات الولاية عليه، فهو وقف معلوم ، ومعلوم من أوقفه، ولكن يحتاج إلى اتخاذ إجراءات في جهات الاختصاص لكي تثبت ملكيته ويعين ولي عليه. نأمل من رئيس محكمة محافظة الدلم -وفقه الله- أن يشكل بالتنسيق مع فرع وزارة الشئون الإسلامية للأوقاف لجنة مختصة لمعالجة هذه الإشكاليات، حيث أنّه يمكن استبدال الولي على الوقف المهجور أو محاسبته إن كان معروفا، ويمكن تمحيص اﻷوقاف الخيرية وحصرها وتسجيلها في داخل المحافظة، وإثباتها بالطرق الشرعية ورفع أيدي واضعي اليد عليها بوجه غير شرعي، وتنظيم إدارتها ووضع خطة عامة لاستثمارها وتنميتها وفق مقتضيات المصلحة العامة. الوقف كما يقال: يحيى مع الأحياء ولا يموت مع الأموات، ويمرض بأمراض المجتمع حتى يكاد أن يصبح عبئاً عليها. والوقف المهجور ليس مجرد بيت قديم أو منفعة اندثرت بفعل التقادم والإهمال والنسيان، حيث إنّ الوقف حضارة جيل وعصارة ثقافة كانت سائدة مبنية على أسس متينة رسخت في العقول، وأنتجت استمرارية الخير والمنفعة للأجيال السابقة واللاحقة.
أخيرا ، نقترح أن يسلم الوقف المجهول للجمعيات الخيرية، وأن يحاسب النظار على المعلوم منها ويكلفون بصيانتها، وأن تقوم البلدية بوضع مخططات للأحياء القديمة المهجورة، وتكون منشوره ومتاحة للجميع، وأن تضع عليها أسماء ملاك العقارات المثبتة لديها، وتفتح المجال للمواطنين للإدلاء بمعلومات عنها أو عن البيوت المجاورة، من خلال منافذ متعددة تشرف عليها لجنة تطوعيه أهلية، تحت إشراف المحكمة أو البلدية مكونة من عمد الأحياء وكبار السن وأهل المعرفة، ليتم التوصل لأهل الوقف ثم مخاطبتهم خلال مدة محددة، أو التصرف في الوقف المجهول، لتتحقق المنفعة العامة والخاصة ويكون الوقف مظهراً حضارياً.يسهم في التنمية ولا يعوقها. وما الدال على الخير إلا كفاعله!