توقع عقاريون استمرار موجة الركود الحالية التي تضرب سوق العقار السعودية نحو خمس سنوات مقبلة على الأقل، وأرجعوا ذلك إلى سببين الأول دخول الدولة بقوة في مشاريع الإسكان وتخصيص وزارة تتولى بناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل، ويرتبط بذلك تسهيل شروط القروض التي يمنحها صندوق التنمية العقارية وزيادة رأسماله، أما السبب الثاني فيكمن برأي هؤلاء في وصول أسعار العقارات والأراضي إلى مرحلة التشبع بحيث أصبحت الأسعار مبالغا فيها لدرجة غير معقولة ووصلت لنحو 1500% في بعض الأحيان، ووصف هؤلاء انخفاض الأسعار لنحو 20% حاليا بأنه مجرد بداية لموجة الهبوط الكبير في الأسعار. ووصف رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات بالغرفة التجارية في جدة عبدالله بن سعد الأحمري في في تقرير أعده محمد الزايد ونشرته صحيفة الوطن حالة الركود التي طالت سوق العقار سواء بمدينة جدة أو أي من مدن المملكة بالحالة الصحية والطبيعية كونها دورة اقتصادية استمرت لمدة 5 سنوات وتشبعت فيها الأسعار لدرجة لم يتمكن معها صغار المستثمرين أو المستهدفين الشراء واتجهوا إلى صناديق الأسهم مرة أخرى لعدم قدرتهم على شراء أراض بأسعار خرافية على حد وصفه. وأضاف أن توجه الدولة لإنشاء وزارة مختصة بالإسكان ودعمها بمبلغ 250 مليار ريال ودعم صندوق التمنية العقاري بأكثر من 40 مليار ريال إضافة إلى ميزانيته المرصودة أمر ساهم في خفض أسعار الأراضي إضافة إلى استقبال الصندوق للقروض بدون تملك للأراضي حيث بلغ عدد المسجلين قرابة 1,7 مليون مواطن وهذا جعل الصندوق جزء لا يتجزأ من وزارة الإسكان، فكلها عوامل أدت إلى الركود في حركات البيع والشراء. وأشار إلى وصول نسبة الأسعار في الفترات الماضية إلى 1000% و1500% أمر غير طبيعي وغير منطقي ومبالغ فيه علما أن مثل هذه الأراضي التي وصلت لمثل هذه الأسعار غير مخدومة كما أن كثير من العقارين لم يعد يقنعوا بنسبة ربح ما بين 5 إلى 10% في العام الواحد حتى وإن وصلت أرباحهم إلى 100%. وأوضح أنه من ضمن العوامل التي أدت للركود خاصة في مدينة جدة هو النهج الذي انتهجته أمانة جدة مؤخرا وذراعها الأيمن شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني بعمل وحدات سكنية تتلاءم مع دخول المواطنين من ذوي الدخل المحدود وساهمت أسعار هذه الوحدات والتي حددت ما بين 210 آلاف ريال و420 ألف ريال في توجه الشركات الوطنية المطورة والعامة للدولة والعقاريين لتطوير الأراضي وبيعها وهو ما يساهم في القضاء على حاجة المواطنين الماسة للسكن وحلها خلال العشر سنوات القادمة. وأكد مايتردد عن خروج السيولة من العقار وتوجهها للأسهم قائلا "نحن شعب سماع يتتبع الشائعات فما نبرح أن نخرج من العقار حتى ندخل في الأسهم والعكس، كما أنه لا يوجد لدينا توجه في الاستثمار الصناعي غير هذين المنشطين فلو تم الاستثمار في الصناعة لاكتفينا ذاتيا في الصناعة وصدرنا للعالم" وأظهرت جولة ل"الوطن" على عدد من المكاتب العقارية في جدة حالة الركود الواضحة وقلة حركة البيع والشراء إذ ما زال راغبو شراء الأراضي السكنية في جدة متوقفين عن الشراء وسط تداول الجداويين في مجالسهم أحاديث حول موجة هبوط وشيكة لأسعار الأراضي بسبب مشاريع الإسكان الضخمة التي أقرتها الدولة. وأوضح كل من محمد الغامدي وفهد الحربي ومهند ياوز التقتهم "الوطن" في مكاتب عقارية مختلفة شمال جدة أنهم يرغبون في شراء أراض لإقامة مساكن لهم، وذكروا أن أنباء انخفاض أسعار الأراضي المتوقعة قريبا دفعتهم إلى البحث عن مواقع متميزة وتحديدها تمهيدا للشراء مع بدء موجة الهبوط المرتقبة، وأشاروا إلى أن كثرة المعروض بالمكاتب العقارية وسط ضعف الإقبال على الشراء يدفعهم للتريث حتى تتضح معالم موجة الانخفاض المتوقعة. من جانبه أوضح فهد المالكي مسؤول بأحد المكاتب العقارية شمال شرق جدة أنه بالرغم من قلة المخططات الجديدة في جدة وتوقف بنائها إلا أن الإقبال على شراء الأراضي من قبل المواطنين والمستثمرين نادر جدا وسط موجة عرض غير مسبوقة في سوق العقار. وقال إن أعدادا كبيرة من مالكي الأراضي الذين أجبرتهم الظروف على بيعها عرضوها لدى مكتبه العقاري بأسعار أقل من قيمتها السوقية الحالية ومع ذلك لا يوجد طلب شراء، وذكر أنه نفذ عمليات بيع لعدد من الأراضي بأسعار أقل من قيمتها السوقية وأن ذلك ينذر بقرب موجة هبوط حادة في الأسعار سببها يعود لكثرة العرض وقلة الطلب. ويتفق معه المستثمر العقاري علي الغامدي حول كثرة العرض وقلة الطلب مشيرا إلى أن الأنباء التي يتداولها الناس حول موجة الانخفاض المتوقعة دفعت المستثمرين إلى التريث في تنفيذ علميات شراء بهدف الاستثمار وهو ما أثر على الأسعار الحالية مؤكدا وجود انخفاض على أراضي المخططات التي لا تتوفر فيها خدمات بلغت نسبته 20% و10% فقط في أسعار الأراضي الواقعة داخل نطاق الخدمات متوقعا أن ترتفع هذه النسبة إذا ما استمر عزوف المستثمرين عن إعادة حركة البيع والشراء إلى طبيعتها.