أعلن الجيش التركي في 30 ديسمبر الماضي، أن الطائرات الحربية الروسية ضربت مواقع لتنظيم داعش بالقرب من بلدة الباب السورية، وتقول مصادر رسمية إن أهداف داعش حددتها القوات الخاصة التركية بهدف الاستيلاء على المدينة من التنظيم، وقالت مصادر عسكرية أيضا إنه تم استهداف أحد أعضاء التنظيم البارزين ويدعى أبو حصن التونسي، في الغارات الجوية يوم 29 ديسمبر، وأضافوا أن أبو حصن تم إرساله وفريقه من الرقة إلى الباب. يبدو أن العملية أو العمليات بدأت مباشرة بعد تصريحات أنقرة وموسكو ودمشق في 29 ديسمبر عن إعلان وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية والمعارضة، والذي كان في منتصف ليل 29 ديسمبر، وتعتبر كل من روسياوتركيا هما الضامنتان لعملية وقف إطلاق النار والتي لا تشمل داعش وجبهة النصرة. إعلان 30 ديسمبر يثير خط التعاون العسكري بين روسياوتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، وأيضا عضو التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد داعش، ولكن هذا التعاون يأتي في وقت توتر العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة بشأن المسائل الأمنية والاستخباراتية. في اليوم الذي تم فيه الإعلان عن وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية السورية والتي يبلغ عمرها 6 سنوات، قررت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، طرد 35 دبلوماسيا روسيا ووصفتهم بأشخاص غير مرغوب فيهم، بناء على الهجمات الروسية السيبرانية على الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى الاستخبارات وطلبت منهم مغادرة البلاد في غضون 3 أيام. ما يحدث بين الولاياتالمتحدةوروسيا يعد من علامات الحرب الباردة، والتي نادرا ما رأيناها منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1992. ومع الخطوة الأخيرة التي اتخذها أوباما ضد إسرائيل في الأمم المحدة، على الرغم من التبرع بمبلغ 38 مليار دولار قبل الانتخابات الرئاسية، فإن ما فعله تجاه روسيا يوضح أن أوباما يريد أن يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لخليفته دونالد ترامب، عن طريق هز دعائم السياسية الخارجية للولايات المتحدة. العملية العسكرية المشتركة بين روسياوتركيا في سوريا ضد داعش في حي الباب مثيرة للاهتمام، لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ادعى في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الولاياتالمتحدة رفضت إعطاء الدعم للهجمات التركية على داعش في الباب، مما ساعد داعش بطريقة غير مباشرة، وقال أيضا إن المساعدات الأمريكية على الأرض لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، فرع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، مازالت مستمرة، وهي في صراع مع تركيا. أصدرت السفارة الأمريكية في أنقرة بيانا تنكر فيه هذه الادعاءات، ولكن وزير الخارجية التركي ميلفوت كافوساغلو، قال إن الحكومة التركية لديها دليل على المساعدات المستمرة. واحدة من المفارقات أن قواعد التشغيل الرئيسية للعملية التي تقودها الولاياتالمتحدة على داعش، تنطلق من قاعدة انجرليك التركية، وقد قال مصدر عسكري تركي لصحيفة حرييت: كلما احتجنا إلى الدعم الجوي، طلبنا من مركز القيادة المشترك لقوات التحالف، ولكن الرد من قاعدة انجرليك يكون أن الأمر لا يمثل أولوية، بالإضافة إلى سوء الأحوال الجوية، مما يمثل خيبة أمل كبيرة بالنسبة لنا. سبب عدم دعم الولاياتالمتحدة الجوي لتركيا في مدينة الباب، هو تعارضها مع مصالح حزب الاتحاد الديمقراطي. عملية درع الفرات التي تقوم بها تركيا بجانب الجيش الحر تهدف إلى منع سيطرة الأكراد على مدينة الباب، لأنها لا ترغب في استفادة حزب العمال الكردستاني من فراغ السلطة في سوريا وتعاونه مع الولاياتالمتحدة من أجل تشكيل ممر طويل على حددودها، يمكن من خلاله إقامة حكم ذاتي أو الاستقلال في المستقبل. يبدو الآن أن تركيا قد حصلت من روسيا، خصمها في حلف شمال الأطلسي، على الدعم الجوي الذي تريده، بالإضافة إلى الدعم السياسي لعملية الباب. ولكن السؤال هو، لماذا دولة عضو في حلف الناتو تتعاون مع روسيا في سوريا، أما الإجابة، لأن تركيا تعتقد أن الولاياتالمتحدة فشلت في إعطاء الدعم الذي تحتاجه تركيا لهزيمة داعش في أقرب وقت ممكن، كما أنها فشلت في إعطاء الدعم لأنقرة لوقف تمدد الأكراد، وخاصة حزب العمال الكردستاني الذي يعد جماعة إرهابية. الأمور معقدة قليلا، ولهذا السبب قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، إن أنقرة تتوقع من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أن يتخذ موقفا أكثر نشاطا في مكافحة الإرهاب، من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.