تتخذ المملكة اليوم إجراء احترازيا يتمثل في إيقاف استيراد منتجات الخضار من أوروبا وبالذت من إسبانيا، بعد أن أدت بكتيريا ''إيشيريكيا كولاي'' المنتشرة في بعض أصناف الخضار إلى وفاة 18 شخصا في أوروبا، وإصابة أكثر من 1500 شخص. واعتبرت منظمة الصحة العالمية أمس أن رصد هذه النسخة من البكتيريا على ضوء وباء يشكل ''سابقة''، مشيرة إلى أن هذه البكتيريا لم تتسبب بموجات وبائية في السابق. في حين تراقب وزارة الزراعة في السعودية انتشار هذه البكتيريا عالميا، مؤكدة على لسان وكيل وزارتها للثروة الحيوانية المهندس جابر الشهري، أنها ستتخذ اليوم إجراء لإيقاف استيراد أي جهة لمنتج الخضراوات من أوروبا، لحين التأكد من المنظمات الدولية والصحية خلو الدول الأوروبية من هذه البكتيريا. وطمأن الشهري في اتصال مع ''الاقتصادية''، المستهلكين في المملكة خلوها من البكتيريا المميتة حتى الآن، مشيرا إلى أن المملكة تستورد الخضار من بلدان أخرى خارج أوروبا، وتفحص في مطارات المملكة. وقال: ''إلى الآن السوق السعودية آمنة من هذه الخضراوات، مع متابعتنا للمعلومات حول العالم مع المنظمات الدولية والصحية، ومن باب الاحتراز ستتخذ وزارة الزراعة اليوم إجراء ضد أي منتج خضار يأتي من أوروبا وبالذات من إسبانيا''. ومن بين الدول التي تستورد منها المملكة لمنتجات الخضار - حسب ما ذكره الشهري- دول جنوب شرق آسيا، باكستان، الهند، إثيوبيا، الشام، تركيا، الأردن، ومصر. وأوضح وكيل وزارة الزراعة، أن البكتيريا التي سجلت في أوروبا هي عترة من نوع قوي وفعال، وتعتبر غير العترة العادية المسجلة في بلدان أخرى، بالتالي أدت إلى حدوث وفيات. وقال: إن ''إيشيريكيا كولاي موجودة في أي بلد، لكن الواضح من خلال التقارير الإعلامية أنها عترة متطورة فتاكة وقوية التأثير، والنوع المسجل في أوروبا أدى إلى حدوث وفيات وأصابات شديدة''. وأضاف: نحن الآن نتابع الحالات المصابة والسريرية عالميا، وسنتخذ إجراءات حولها، ويتضح أنها عترة غير طبيعية، ومختلفة عن العترة المسجلة لدينا في المملكة أو في أي بلد آخر. وهنا يوضح وكيل وزارة الزراعة، أن بكتيريا ''إيشيريكيا كولاي'' يأتي منها عدد كبير من الأنواع، لكن النوع المسجل في أوروبا هو نوع عالي الضراوة والتأثير، الأمر الذي أدى إلى وفيات وإلى أكثر من 1500 حالة سريرية الآن في أوروبا. وعالميا، أعلن أطباء ألمان أمس، عن استقرار انتشار البكتيريا المميتة أمس، التي تسببت في وفاة 18 شخصا في أوروبا، وإن كانوا لا يزالون يجهلون مصدرها وطريقة تفشيها. وقال البروفيسور راينهارد برونكهورست، رئيس الجمعية الألمانية لأمراض الكلى والمسؤول الصحي في منطقة هانوفر، شمال ألمانيا، حيث سجل عدد كبير من الوفيات، ''الوضع الحالي هو أن العدد الجديد للإصابات يتجه إلى الاستقرار''. فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس أن نسخة بكتيريا إيشيريكيا كولاي هي نوع معروف لدى البشر. وقالت فاضلة شعيب المتحدثة باسم المنظمة للصحافيين إن ''النسخة التي تم التعرف عليها في ألمانيا نسخة نادرة، وهي معروفة من قبل لدى البشر'' غير أن رصد هذه النسخة على ضوء وباء يشكل ''سابقة''، مشيرة إلى أن هذه البكتيريا ''لم تتسبب في موجات وبائية'' في السابق. وقال البروفيسور برونكهورست خلال مؤتمر صحافي في هامبورج، شمال ألمانيا، حيث يعالج معظم المصابين، إنه ''الوباء الأخطر الذي تسببه بكتيريا خلال العقود الماضية''. وقالت شركة صينية خاصة للهندسة الوراثية تعمل مع مركز ابندورف في هامبورج، ومختبر في كاليفورنيا الخميس إن البكتيريا هي مزيج هجين يحمل مورثات نوعين مختلفين من بكتيريا أي كولاي، وأنها لم يسبق أن تم التعرف عليها من قبل، كما أنها مقاومة لكل أنواع المضادات الحيوية المعروفة. ''وهذا يجعل علاجها بالأدوية صعبا للغاية''. وقال داج هارمسن الباحث في جامعة مونستر، غرب ألمانيا، والذي يعمل مع المختبر الكاليفورني الجمعة للإذاعة، ''نعتقد أنه سيكون لدينا قريبا ما يكفي من المعلومات لتحديد أسباب ضراوتها''. وتوقع الباحث التعرف على طرق لوقف انتشار العدوى. وقالت منظمة الصحة العالمية إن 12 بلدا سجلت إصابات بالبكتيريا التي تسبب نزفا في الجهاز الهضمي وفي الحالات الحادة فشلا كلويا يصاحبه انحلال في الدم. وكل حالات العدوى متصلة بألمانيا، حيث توفي 17 من المرضى وتوفي 18 في السويد. وفضلا عن ألمانيا، بؤرة الوباء، سجلت إصابات حادة بالمرض في بلدان أخرى، حسب منظمة الصحة العالمية وتتوزع الإصابات الحادة على النمسا اثنين، وبريطانيا سبعة، وتشيكيا واحد، والدنمارك 17، وفرنسا ستة، وهولندا ثمانية، والنروج واحد، وإسبانيا واحد، والسويد 43، وسويسرا اثنين، والولايات المتحدة اثنين.. وتفيد حصيلة اعدتها الوكالة الفرنسية أن عدد المصابين بالبكتيريا بلغ أكثر من ألفين منذ بداية تفشي المرض سواء حالات النزف المعوي أو الفشل الكلوي. وتراجع استهلاك الخضار في أوروبا، ولكن منذ تبرئة الخيار الإسباني من كونه مسؤولا عن انتشار العدوى الثلاثاء الماضي، لا يزال البحث جاريا لمعرفة ناقل المرض. وألغت المفوضية الأوروبية التحذير من تناول الخضار الإسبانية، ولكن الإضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي الإسباني كبيرة جدا. وتباحث رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويث ثاباتيرو الخميس مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي وعدت بأن ألمانيا ستدرس صيغا في الإطار الأوروبي للتعويض عن المزارعين المتضررين، وفق بيان صادر في مدريد. وتوجه رؤساء شركات زراعية إسبانية أمس إلى هامبورج للتعبير عن غضبهم. وقال أنطونيو لافاو مدير فرونيت خلال مؤتمر صحافي في هامبورج ''حضرت إلى هنا لأن شركتي ذكرت الأسبوع الماضي على أنها من عوامل نقل البكتيريا اي كولاي .. لقد قضي على سمعتنا''، مضيفا ''لا يمكنني العمل، ليس هناك أي نشاط في الشركة'' التي توظف 120 شخصا ومقرها في ملاقة في الأندلس. واعتبرت المفوضية الأوروبية أن قرار روسيا منع استيراد الخضار من كافة دول الاتحاد الأوروبي رد فعل ''غير متكافئ'' ودعت موسكو إلى العودة عن ذلك. وتستورد روسيا نحو 600 مليون يورو من الخضار الأوروبية سنويا. وقال ممثل الاتحاد الأوروبي في موسكو فرناندو فالنزويلا أمس إن الحظر الروسي مخالف لأنظمة منظمة التجارة العالمية التي تريد روسيا الانضمام إليها هذه السنة. ورد رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أن روسيا ستتحقق مما إذا كان حظرها مبررا لكنها لا تعتزم ''تسميم'' مواطنيها احتراما لقوانين منظمة الصحة العالمية. وردا على قرار من السلطات اللبنانية بحظر استيراد الخضار من كافة الدول الأوروبية، أعلن المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الصحية فريدريك فنسان أن ''أي حظر شامل على الخضار الأوروبية مبالغ فيه''. ومن المرجح أن يعقد وزراء الزراعة الأوروبيون اجتماعا استثنائيا في 17 حزيران (يونيو) في لوكسمبورج، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية في بروكسل. ورغم تبرئة الخيار الإسباني، نصح معهد روبرت كوخ الألمان بعدم تناول الخضار الطازجية أيا كان مصدرها. وقال مدير المعهد الألماني لتقدير المخاطر أندرياس هنسل إن ''مصدر المنتجات ليس ذا أهمية''. ومن مصر، أكد الدكتور أشرف حاتم وزير الصحة والسكان المصرى أنه لم تظهر أية إصابات حتى الآن ناتجة عن التلوث ببكتيريا (إشريشيا كولاي) للخضراوات ونبات الخيار فى مصر ومنطقة البحر المتوسط، مشيرا إلى أن هذا المرض ظهر حتى الآن فى عشر دول أوروبية، وبلغ عدد الإصابات 1115 حالة. وقال وزير الصحة المصري - في تصريحات له أمس على هامش اجتماعات اللجنة العليا لإنفلونزا الطيور - إنه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي وحتى الآن لم يتم استيراد خيار من أية دولة أوروبية.. وأن ما تم استيراده خلال هذه الفترة كان من الأردن فقط. وأضاف أن لجنة سلامة الغذاء ستجتمع غدا لبحث الإجراءات الوقائية التى يجب اتخاذها خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنه سيتم بحث إيقاف استيراد الخيار من أوروبا فى الوقت الحالي. من جانبه، قال الدكتور عمرو قنديل وكيل وزارة الصحة للشؤون الوقائية إن المركز الأوروبى للترصد والتحكم فى الأمراض ومنظمة الصحة العالمية، مؤكدا أن هذا الميكروب موجود حاليا فى نبات الخيار فقط وتظهر أعراض المرض فى صورة تكسير لكرات الدم الحمراء وفشل كلوي ويكون بول المصاب مدمما ويتسبب فى الوفاة. وأوضح قنديل أن أي شخص قادم من أوروبا خاصة ألمانيا التي ظهر بها المرض وظهرت عليه أعراض بول مدمم وإسهال وارتفاع فى الحرارة من الممكن أن يكون قد أصيب بالمرض، ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير العلاج اللازم له في صورة مضادات حيوية ومحاليل، مشيرا إلى أنه يمكن الوقاية من الإصابة بالمرض باتباع التعاليم الصحية السليمة وغسل الخضراوات. ولفت إلى أنه تم إرسال منشور إلى جميع مديريات الشؤون الصحية لمتابعة القادمين من أوروبا وخاصة ألمانيا، موضحا أن العدوى بالميكروب تكون من تناول الأطعمة الملوثة به أو من شخص مصاب ببكتيريا ''إشريشيا كولاي''. 3