مضى على قدومي للعمل في منطقة جازان سنة ونيف ولكن خلال هذه الفترة القصيرة شعرت كأنني قد ولدت بها من شدة التعلق والإعجاب، وهذه خاصية يذكرها كل من جاءها من خارجها، فهي سريعة التعرف والاندماج وكل من عاد منها يبقى متواصلا معها. ما فاجأني حينما أعود منها أن البعض ممن يسألني عنها اكتشف أنه لا يعرف منها إلا اسمها! ويذهل حينما أحدثه عن نهضتها العمرانية الفتية وجامعتها المتقدمة، وعن سواحلها وجزرها وعن جبالها الشامخات وأوديتها وسهولها الزراعية الخضراء وعن عطوراتها النباتية التقليدية، وعن أمسياتها الشعرية وندواتها الأدبية، وقبل ذلك عن إنسانها طيب المعشر الودود الذي يفتح قلبه قبل بيته ليستضيفك ويتحدث معك بتلقائية وبساطة متناهية تجعلك تؤكد أن جازان مصدر مقولة «البساط أحمدي» لسهولة ويسر الحياة فيها. وهي أرض خير وسلة غذاء ومحط الأنظار الاقتصادية، وقد بدأت منذ سنوات في قفزة تنموية متسارعة بقيادة أميرها الموفق، جعلت ساكنيها يشعرون بتطورها من يوم لآخر. وأنا أتلذذ الآن بطعم فاكهة المانجو التي دخل موسمها وأقرأ في الصحف خبر نقل مهرجانها السنوي لتسويق هذه الفاكهة إلى جناح منطقة جازان في المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» أفهم كيف يمكن أن تؤدي هذه الفاكهة التي أصبحت رمزا للمنطقة رسالة إعلامية إلى زوار المهرجان الوطني من كل المناطق وتقوم بحملة ترويجية وتوجه دعوة سياحية لزيارة جازان، وأنا أراهن على أن من يشم هواءها مرة واحدة سيدمن عشقها ويكرر زياراته لها، فمن العجب أن توجد لدينا منطقة بمقومات جازان ولا تكون الوجهة السياحية الشتوية الأولى. 5