حين كان السعوديون يتحلقون حول التلفاز في التسعينات الميلادية، مترقبين انطلاقة بث البرامج الخاصة بالمصارعة الحرة، كل ثلاثاء بشكل أسبوعي، كان يدور في خلدهم أن مشاهدة هذه المنافسات على أرض الواقع، يتطلب سفراً طويلاً إلى قاراتٍ بعيدة، كل هذه التخيلات انتهت مساء الجمعة الماضي، حين تحولت مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة، من معشب أخضر إلى حلبة مربعة تشكلت من بناء حديدي مرتفع عن الأرض، تمت تغطية أرضيتها برغوة صخرية وحصير لتقلل وتمتص وقع الصدمات التي ستتولد من سقوط المصارعين عليها. شهدت السعودية لأول مرة منافسة "رويال رامبل"، بحضور عدد كبير من المصارعين العالميين يتقدمهم الأميركي مارك ويليام كالاوي الذي اشتهر في أوساط الشباب السعودي في التسعينات الميلادية ب"الحانوتي"، وتنازل مع البلغاري روسيف وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه سقط أمام الحانوتي في لقاء عرف ب"نزال التابوت"، وكان المصارع إيدن انجلش قد تدخل وأنقذ روسيف في المرة الأولى، ومنع الحانوتي من إدخال صديقه إلى التابوت الخشبي، واستمرت المصارعة بين الأطراف الثلاثة، وسط تصفيق جماهيري حار، استمر بعد أن استطاع "الحانوتي" مجدداً أن يسقط الاثنين ويضعهما في التابوت، ويغادر الحلبة وسط موجة تصفيق لم تنته إلا بعد مغادرته بدقائق . وفي لقاء تاريخي آخر، احتدمت المنافسة بين الأميركي جون سينا ومواطنه تربل إتش، وبعد أن اسقط إتش مواطنه سينا، نهض الأخير متحفزاً بصيحات الجماهير السعودية التي ملأت المدرجات، ليجهز على إتش بالضربة القاضية، وهي اللقطة التي تفاعل معها رئيس الهيئة العامة السعودية تركي آل الشيخ بصورة عفوية، وقام من مقعده على طريقة حكام المصارعة يعد ثلاث مرات لإنهاء النزال بفوز الأميركي جون سينا. وأتاحت الهيئة العامة للرياضة فرصة وجود المصارعين السعوديين، وهم منصور شهيل وفيصل كردي وعبدالله مغربي، وخالد هذالي وناصر باوزير وحسين دقل وأسعد شريف وفيصل عبودي، واستطاعوا التفوق على الإيرانيين اللذين دخلوا الحلبة بعلم بلادهما لاستفزاز الجماهير الحاضرة ، والتي لم تنتظر طويلاً حتى سقطا أرضاً وغادرا الحلبة وسط سخرية الجماهير السعودية. كانت هيئة الرياضة حريصة على إنجاح المنافسة العالمية ، فقد نقلت العدة والأجهزة والقطع التي تم استخدامها في المصارعة، بواسطة طائرة (بوينغ 747) ونقلت حلبة المصارعة وأجهزة الصوت والإضاءة، وهي التي تلخصت في كلمة رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ بقوله: "نثبت للجميع يوماً بعد يوم أنها بإمكان السعودية أن تنظم فعاليات عالمية عظمى، لقد حققنا أحلام الكثير من المواطنين بأن يشاهدوا أبطال المصارعة مباشرة على أرض الواقع". وفي منافسة رويال رامبل استطاع بروان سترومان أن يكون هو آخر مصارع فوق الحلبة، فبعد أن واجه 50 مصارعاً ، استطاع أن يرمي بهم خارج الحلبة ويبقى هو الوحيد فوقها ، ليتوج نفسه بلقب البطولة ويتسلمه من رئيس الهيئة العامة تركي آل الشيخ، وتدور فكرة الرويال رامبل، في أن يفد المصارعون إلى الحلبة متتابعين، والمصارع الذي يرمى خارجها يعتبر منهزماً ويغادر، واستطاع سترومان أن يكون هو المصارع الأخير على الحلبة ، بعد أن أسقطهم واحداً تلو الآخر، ليتوج نفسه باللقب ، ويغلق الستار على المنافسة التاريخية التي احتضنتها السعودية للمرة الأولى . تركي آل الشيخ خلال تتويج الأبطال