أحيانا تشعر أن واضع الشروط أو الضوابط لإنهاء إجراءات المرشحين والمرشحات لشغل وظائف الخدمة المدنية، يريد تعقيد الأمور حتى يتم رفض أغلب المتقدمات أو المتقدمين، ولأسباب مبهمة وتثير حنق الخريجين. آخر ضوابط وضعت تقول: «من يريد شغل وظيفة في التعليم من الخريجات عليهن استكمال الكشف الطبي لقبولهن قبل أن تتم المفاضلة بينهن»، ما هي الكشوفات الطبية؟ تقول وزارة الخدمة المدنية: «لابد التأكد من خلو المتقدمة من آثار المخدرات والإيدز والأمراض المزمنة». أتفهم فكرة الكشف لمعرفة خلو المتقدمة من المخدرات، بيد أني لا أفهم ما الذي تعنيه الوزارة من الأمراض المزمنة، وهل المريضات بالضغط لا يحق لهن العمل، وماذا عن باقي الأمراض الوراثية التي لا دخل لهن بها سوى أنهن بنات والدين مصابين بأمراض وراثية؟ والأهم ماذا عن مريضات الإيدز، مع ملاحظة أن وزارة الصحة حين أخرجت إحصائياتها بمرضى الإيدز لعام 2009م، أكدت أن 85 في المائة من المصابات بالإيدز انتقل لهن المرض عن طريق الزوج؟ فهل من العدل أن تقسو عليهن وزارة الخدمة المدنية بعد أن قسا عليهن أزواجهن إذ نقلوا لهن المرض، وخطيئتهن الوحيدة أنهن تزوجن أشخاصا ضعفاء؟ ثم هل استشارت وزارة الخدمة المدنية وزارة الصحة في مسألة المصابات بالإيدز، أم هي اتخذت هذا القرار بنفسها دون أن تسأل أو تعرف شيئا عن مرض «الإيدز»؟ فمرض الإيدز لا ينتقل من الشخص المصاب للشخص السليم باللمس أو بالأكل أو باستعمال أدوات المريض، فهو مرض ينتقل عن طريق نقل الدم أو الاتصال الجنسي فقط. كنت قد كتبت أطالب المجتمع بأن يعيد النظر في تعامله مع مرضى الإيدز وأن عليهم إخراج «الإيدز» من بوابة الخطيئة ليتعامل معه كأي مرض، لأن رؤيتنا للمرض على أنه خطيئة ستدفعنا لنبذ وطرد هؤلاء المرضى الذين يستحقون شفقتنا وليس كراهيتنا، لأن الحب يحمي المجتمع، فيما الكراهية تدفع الآخر للانتقام. يبدو أن مشكلة هؤلاء المرضى ليست مع أفراد المجتمع فقط، فها هي وزارة الخدمة المدنية تنفيهم من العمل وتطردهم دون رحمة. ما يحز بالنفس أن وزارة الصحة لم تتدخل لتحمي المرضى، ولا هي وزارة العدل منعت هذا القرار من باب أنه يظلم المواطنين، فمن سيتدخل ليحمي الأفراد من شروط أو ضوابط تدل على أن لوائحنا وأنظمتنا لا ترحم الضعيف ولا المريض؟.