في الستينيات الميلادية وأنا بعد طالب في كلية الطب كنت أتدرب في فترة الصيف في مستشفى أرامكو بالظهران، نصحني يومها الطبيب الأمريكي المشرف علي بأن أختار طب الأسرة تخصصا لي إذ إن المملكة في أمس الحاجة اليه، ولم يكن هذا النوع من التخصصات الطبية معروفا آنذاك في عالمنا العربي. وتمضي بنا الأيام وإذا بهذا التخصص هو الغالب في عالم الطب في كثير من دول العالم. ففي بريطانيا نجد أن نحوا من 50% من مجموع الأطباء هم أطباء أسرة. من هو طبيب الأسرة؟ بعد أن يتخرج الطبيب من كليته قد يتخصص في أحد فروع الطب والجراحة وهناك أكثر من 20 فرعا من فروع الطب والجراحة، يتفرع من كل منها فروع أكثر دقة. طب الأسرة هو أحد هذه الفروع العشرين وإليه يتجه 50% من الأطباء في بريطانيا (ويسمي هناك الطب العام). كما يتجه اليه ويتخصص فيه 45% من الأطباء في كندا و40% من الأطباء في إسبانيا، وقس على ذلك في كثير من دول العالم. يدرس طبيب الأسرة بعد تخرجه من كلية الطب عددا من السنوات يتراوح بين سنة وأربع سنوات يحصل بعدها على الدبلوم أو الماجستير أو الزمالة أو الدكتوراة في طب الأسرة. خلال هذه الفترة من التدريب يتوسع الطبيب في دراسة جميع فروع الطب والجراحة بحيث يصبح قادرا بإذن الله على علاج نحو من 85% من الأمراض التي قد تصيب أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونساءهم. أما بقية الحالات (حوالى 15%) فيحيلها إلى غيره من الأطباء الاختصاصيين. دور طبيب الأسرة ومعه فريقه الصحي لا يقتصر على علاج المرضى وإنما يذهب الى ما هو ابعد من هذا مدى.. الى مساعدة أفراد المجتمع على تبني سلوك صحي سليم، والحفاظ على بيئة سليمة من حولهم. وهذا يعني أن يقوم بمشاريع صحية تطويرية في المجتمع من بينها التثقيف الصحي، ورعاية الأمومة والطفولة، وإصحاح البيئة. ومن هنا كان على طبيب الأسرة أن يتدرب – الى جانب علاج المرضى – على علوم الوبائيات، وطرق الوقاية من الأمراض، ومهارات القيادة والتواصل. والسؤال الذي يفرض نفسه: كم عندنا من أطباء الأسرة وكم نحتاج منهم في مقتبل الأيام؟ وللحديث بقية. بقلم زهير أحمد السباعي