كنتُ قد توقفتُ غير مرةٍ عند بيت المتنبي حيث يقول:
ذو العقلِ يشقى في النعيمِ بعقلِهِ
وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ يَنعَمُ
ويقول في قصيدة أخرى:
تَصفو الحَياةُ لِجاهِلٍ أَو غافِلٍ
عَمَّا مَضَى فيها وَما يُتَوَقَّعُ
فهل كان العقل حقًّا باعثًا على الشقاء؟ (...)
تقود عملية الاستدلال في الطبيعة المنطقية للوصول إلى افتراض ما، ومن ثَمَّ تأكيده على أساسٍ واحدٍ أو أكثر من الافتراضات الأخرى المقبولة التي تمثل نقاط بداية العملية التأويلية عند تلقي الملفوظ. وبمعنى آخر فإنَّ الاستدلال هو الذي يصنع الافتراضات التي (...)
لم يعد التلعيب (Gamification) مجرّد استراتيجيّة مقتصرة على مجال التسويق التجاري فحسب، فالمؤشرات أضحت تأخذه في هجرة إلى حيثما تكون عوالم الاتصال النفعي بشكلٍ عام، أي بتوظيفه في كلِّ منظومة تحظى بمستفيدين سواءً أكانت منظومات تهدف إلى تحقيق مكاسب (...)
للتّوصُّل إلى ماهيَّة المعنى دلاليًّا وتداوليًّا فلا بد من عقد مقارنة بينهما، ومن المفيد أن ننطلق من التصوّر الكلاسيكي التالي للدلالة والتداولية، وإجراء التعديلات الملائمة، فالدلالة تُمثّل دراسة المعنى اللغوي، وتمثِّل التداولية دراسة أفعال الكلام. (...)
على الرغم من أنَّ مصطلح المسكوت عنه حاضرٌ في تراثنا العربي لدى الأصوليين إلا أنّ المفاهيم الوافدة من فلسفة اللغة التحليلية وتحديدًا تلك المتمرّدة على الوضعيّة المنطقيّة وما جنحت إليه من منطق اللغة الطبيعية، وما أفرزتهُ من مقارباتٍ تداوليّة قد أخذته (...)
إنّ حيواتنا أقصر من أن تضيع هباءً دون عطاء، إذ يجب على المرء أن يؤمن وقبل كل شيء أن لا مردّ لبقاءٍ على حالٍ سوى الانكفاء، وأنّ بداية طريق الانحدار هي ذاتها بداية تسنّم القمّة، وأنّ سجل الحياة في ذاكرة أحدنا لأسرع من ومضة ضوء عابرة بين محطات نجاحٍ (...)
يرى برلمان وتيتيكا أنّ الحجاج يحظى بمقدمات تتعلق بالقضايا التي تمثّل نقطة الانطلاق الاستدلالي؛ حيث إنَّ الحجاج قبل أن يُصبح كيانًا لا بد له من أُسٍّ ومسلمات يقبل بها الجمهور، وتبرز قيمة هذه المقدّمات الحجاجية في الخطاب بصفتها مبادئ عامّة مشتركة بين (...)
نسمع بين الفينة والأخرى دعوات إلى ضرورة تغليب مهارات التفكير العليا أو تغليب الجوانب الإجرائية والتحليلية على الجوانب المعرفية والتنظيرية، وهي بالتأكيد دعواتٌ حقيقةٌ بالاهتمام وتحظى بوجهة نظر قوية، غير أنّ تغليبها لا ينبغي أن يُفهم على الإطلاق بأنّه (...)
إذا كان الاستلزام في المنطق الصوري يمثّل متواليات تبنى على قواعد صارمة كنقيض الثبوت ونقيض الاختيار؛ حيث تقود الجملة المنطقية إلى استلزامات مبنية على مقدمات تتطلبها عملية الاستنتاج الصحيح من خلال جدول الصدق (true/false)، فإنَّ منطق اللغة الطبيعية (...)
لا تكاد تخلو أمة من ثقافة تُعبّر عن مكنونها الحضاري وموروثها التقليدي، ولكن ثمة فرق بين أن تنكفئ هذه الثقافة على ذاتها وتتقوقع بين أهلها وبين أن تُستغل وتتحول إلى منتجات حضارية عالمية فيكون لها موطئ قدم بين مصاف ثقافات دول العالم العريقة والمتقدمة، (...)
أسهم تنامي المعرفة وتطوّر المفاهيم الإنسانية في سد شيءٍ من فجوة تفسير المعنى التي طالما أحدثت لغطًا وفوضى في تفسير الظواهر اللغوية؛ حيث إنَّ كونية المعنى التي تقاصر حلُّها أمام هيمنة النظريات الشكلية أصبح لها فضاء أرحب في تفاعل الدراسات اللسانية (...)
يُعرّف تحليل الخطاب غالبًا على أنّه تحليل اللغة خارج نطاق الجملة. وهذا تعريف مفرطٌ في البساطة، غير أنَّ له ميزة في توضيح اختلافه عن اللسانيات التقليدية التي تدور حول البنية؛ حيث يُبدي هذا التعريف الجملة على أنّها النطاق الأقصى الذي تعمل به البنى (...)
على قدر ما بذله أوزفالد ديكرو 1973م من محاولات من أجل التأسيس لمقاربة تدمج التداولية داخل اللغة (الدلالة) على قدر ما بدا عليه من خيبة أملٍ في نهاية المطاف بعد شعوره بفشل مشروعه الذي لم يتسق وأسس نظريته في بعض حيثياتها.
حاول ديكرو إثبات أنّ التوصيفات (...)
إذا كانت الكلمة تأخذ معنىً معجميًّا فإنَّ المصطلح يأخذ مفهومًا، وإذا كانت الكلمة قابلة لتعدد المعنى وفق تعدد السياق فإنّ الأصل في المصطلح عدم القابلية للتغيّر المفهومي عند تبدّل السياق، وإذا كان تصوّر الكلمة فضفاضًا بطبيعته في الأذهان فإنّ تصوّر (...)
من المفارقات أن يُعنى القانون الذي قدّمه ستيفن تولمن 1958م بتحليل اللغة، وكأنّه قد جمع بين النقيضين عندما انطلق من العقل بقصد التأسيس لمقاربة حجاجية! فمن المعلوم أنّ العقل مرهونٌ بالمنطق في أمثل تصوّراته، وأعني هنا بالمنطق ذلك المنطق الصوري المفضية (...)
برزت بعد (البنيوية) في الدراسات اللغوية مرحلة (ما بعد البنيوية) التي وطَّأت لمقاربات أخرى، والتي اتخذت من البنيوية ذاتها نقطة انطلاق لها، غير أنها أجرت تعديلات عليها في جزئيات مهمة. فهي تأخذ منها فكرة أنَّ العلامات تستمد معانيها من العلاقات الداخلية (...)
يمثل الخطاب الإعلامي مفهومًا أوسع من مجرد كونه حزمة من المعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام إلى الجماهير؛ فالعلاقات القائمة داخل النظام التواصلي للخطاب الإعلامي تمنحه أسلوبًا خاصًا لتنظيم المعرفة. كما تمنحه طابعًا ديناميكيا يتمثل في اكتسابه لمفهوم (...)
مرت دراسة تحليل الخطاب بمنعطفات عدة ابتداء من الشكل ووصولاً إلى المضمون أو ما عُرف بالتحليل الأيديولوجي الذي أوجد الأدوات والعلاقات المنهجية الاجتماعية بين بنية اللغة ومعناها، فأصبح يدرس طبيعة اللغة بإضافة المكون الخارجي إليها دون الاقتصار على (...)
تمر علينا المقاطع و الصور والرسائل بشكل شبه لحظي، منها المحزن والمضحك والوعظي والاستهزائي ونتنقل بينها بسرعة البرق، ونتتبعها وكأننا مجبرين على تصفيتها ورصدها، كي يهنأ بالنا، ولا شك أن لذلك ضريبة على أذهاننا وأبصارنا ومشاعرنا، فالتأثر اللحظي والتنقل (...)
هل المجتمعات التي ترعرعت على مقولة «القرد في عين أمه غزال»، مجتمعات يغلب عليها في المجمل ضعف الثقة بالنفس، القرد قرد سواء في عين أمه أو في عين غيره، وأمه تعلم جيداً أنه قرد وإلاّ لما أرضعته ورضيت بِهِ في عالم القرود، ولا أعتقد أن مخلوقا يقبل بأن (...)
في الوقت الذي تحتضن دول الخليج وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، اللبنانيين العاملين لديها، وجلهم من رجال الأعمال والمهنيين والخبراء، وفي الوقت الذي تثمن هذه الدول عالياً كفاءة اللبنانيين المهنية ودورهم في نهضتها الاقتصادية والعمرانية، وكذلك (...)
ربما تقودك الذاكرة لقريب أو زميل فيه هذه الطباع البغيضة وهي مهارة البحث عما يغضبك واستخراج أسوأ ما عندك (الاستفزاز)، إن من يملك هذه المهارة لا يعلم أنه أفشل من أن يملك مهارة أخرى، لذا هو يعيش على وهم الانتصار عندما يخرجك من إطار الهدوء أو راحة (...)
يفترض تراجع علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، إجراء قراءة موضوعية وعميقة لخلفيات وتداعيات الأزمات التي اعترت هذه العلاقات في الأعوام الأخيرة، وذلك بهدف إعادة وضع لبنان على المسار الذي يخدم مصالحه العليا ويلبي طموحات شعبه. (...)
إن وزارة الداخلية، ممثلة بالمشروع الوطني للوقاية من المخدرات «نبراس»، وكعادتها تتحفنا بالبرامج المتميزة والمشاريع التوعوية الرائدة، ومؤخراً أطلقت برنامج شاهدته عن طريق الصدفة، اسمه «ضوء»، وهو عبار عن سلسلة حلقات لا تتجاوز مدة الحلقة الواحدة عشر (...)
تستغل بعض الجهات غير الربحية والربحية كذلك، مفهوم التطوع بأنه «عمل مجاني»، أو بالأصح مقابل ورقة «شهادة تطوعية»، وأرقام متزايدة «تسجيل ساعات» للمتطوع، وذلك لأن بعض الجهات، إن لم يكن أغلبها، تستغل جهود أولئك الشباب والشابات الراغبين في خدمة المجتمع، (...)