كشفت صحيفة مصرية تفاصيل مثيرة حول حقيقة المشادة التي حدثت بين السفير السعودي في القاهرة، ومندوب بلاده الدائم في الجامعة العربية، أحمد عبد العزيز القطان، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أحمد السيد النجار، واصفة ما حدث بأنه "تطاول" من النجار بحق السفير. وأكدت الصحيفة أن أمر "المعركة الكلامية" بين الاثنين بلغت رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عبر الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، الذي رفع إلى "رئاسة الجمهورية" المذكرة التي كتبها النجار بما حدث، بناء على طلب هيكل، محذرة من أن يسهم هذا الأخير في "تحويل خلاف بين شخصين إلى أزمة بين بلدين"، على حد وصفها. وروت صحيفة "الفجر"، في عددها الورقي الأسبوعي الصادر الخميس، ما اعتبرته "حوار الكلمات الطائرة بين الصحفي والسفير"، واطلعت عليه صحيفة "عربي21"، إذ كشفت "الفجر" أن الأمر وصل بين القطان والنجار إلى حد تطاير كؤوس المياه الفارغة، محذرة من "فجوة كبيرة في العلاقة بين البلدين"، بسبب ما حدث. في البداية، قالت الصحيفة إن الاثنين كانا ضيفين على السفير الجزائري نذير العرباوي، وإن الدعوة كانت على شرف وزير خارجية الجزائر الأسبق، ومبعوث الأممالمتحدة، الأخضر الإبراهيمي. وحسبما قصت الصحيفة، "كانت الجلسة ضيقة للغاية في منزل السفير الجزائري، وفيها خصَّ النجار المملكة العربية السعودية بالنقد، لا سيما السياسة الخارجية للمملكة، موجها حديثه للسفير السعودي، ومتهما السعودية بتقسيم سوريا واليمن، وقمع الثورة في البحرين، فطلب السفير السعودي من النجار أن يتحدث بلهجة خالية من الحدة، والتوقف عن توجيه الاتهامات، وهنا ثار النجار، ووجه حديثه للسفير: أنت مش هتعلمني أتكلم إزاي". وأضافت الصحيفة قائلة: "احتد النقاش بكلمات قليلة، وبعدها طارت العقول مع كؤوس المياه على منضدة منزل السفير الجزائري"، متابعة أن الأخضر الإبراهيمي لم يصدق ما شاهده، وذهب لكبير الجلسة محمد حسنين هيكل، وسأله: "من هذا الشخص؟" فرد هيكل ببراءة: "رئيس مجلس إدارة الأهرام"، وجاءته علامات الاستغراب على وجه الإبراهيمي قبل أن ينطق الرجل: "كيف يجلس مثل هذا على هذا المقعد؟" ولم ينتظر إجابة من هيكل، وعاد إلى مقعده. وتابعت الصحيفة: "جاء إلى هيكل أيضا أحمد النجار، ورئيس تحرير الأهرام محمد عبد الهادي علام، ليستعينا به لمواجهة الأزمة، فطالبهما هيكل بكتابة مذكرة، ورفعها فورا لرئاسة الجمهورية، وهو ما يعني أن الأستاذ هيكل أرضى كل الأطراف التي جاءته تشكو، وتطلب العون، والنصيحة"، وفق الصحيفة. الصحيفة اتهمت النجار هنا بأنه تجاوز دوره بصفة صحفي أو ممثل واحدة من أعرق الصحف في العالم العربي، وأنه بدلا من أن يستمع للضيف الكبير الأخضر الإبراهيمي، انخرط في التحليل، وتجاوز التحليل إلى السب والتطاول، وهو لم يتحمله السفير أمام أعين شخصيات مرموقة ومؤثرة"، ذاهبة إلى أن الصمت في حضرتهم على اتهامات "النجار" يعني الاعتراف بما يقول. وأخذت "الفجر" على النجار أيضا أنه لم يجرؤ على كتابة تحليلاته واتهاماته (للسعودية) في "الأهرام" التي يرأس مجلس إدارتها، متسائلة: لماذا تجرَّأ (النجار) على السفير، وعلى السعودية، في جلسة خاصة؟ ومضت الصحيفة في تساؤلاتها: "إذ كان (النجار) يملك من الحكمة ما يمنعه من النيل من السياسات الخارجية لبلد صديق على صفحات صحيفة الأهرام، فأين ذهبت الحكمة في لحظة المواجهة التي استدعاها بنفسه؟ وكيف لم تمنعه حكمته من تحويل جلسة ضيقة إلى فجوة كبيرة في العلاقة بين البلدين؟ جلسة ورط فيها بلاده في موقف قد لا تحتاج إليه، وورط بلاد صديقة في مشهد هي في غنى عنه في أوقات عصيبة على العالم العربي"، وفق قولها. واتهم كاتب التقرير حسين معوض، النجار بأنه "شخصية متناقضة أو غير أمينة في مواقفها وكتابتها، و"بياكل عيش"، مشددا على أنه ليس للمسألة علاقة بالمواقف والقناعات والنضال والغيرة على البلدان العربية، ولا بالأمن القومي المصري. كما أخذ معوض على السفير السعودي في القاهرة أنه "لم يتحمل أعباء الدبلوماسية، ولم يتعامل مع الاستفزاز بحكمة يفترض أنه أهل لها، وأيضا كان طرفا في بداية مناوشات انتهت إلى "خناقة بلدي" لا تليق بمقامه، ومكانته"، على حد تعبيره. وأدان معوض الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، قائلا إنه: "من غير المقبول أو المفهوم تحول رجل حكيم بحجم الأستاذ محمد حسنين هيكل إلى محام لخصمين، وأن يسهم في تحويل خلاف بين شخصين إلى أزمة بين بلدين". هذا، ولم يتسن ل"عربي21" التأكد من صحة رواية "الفجر" من السفير السعودي، ولا من رئيس مجلس إدارة الأهرام، وفي الوقت ذاته، لم ينف أي منهما، ما ذكرته الصحيفة، حتى اللحظة. ويذكر أن صحيفة "الفجر" أسسها ويرأس تحريرها الكاتب الصحفي، الموالي لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عادل حمودة. وكان السفير السعودي غادر القاهرة على إثر مشادته مع النجار، وصرح لاحقا بأنه اتجه إلى لندن في مهمة خاصة، نافيا وجود أي علاقة لمغادرته القاهرة بما حدث مع النجار.