علم نون بوست من مصادر خاصة انّ رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان سيتوجه الى المملكة العربية السعودية مساء يوم السبت 28 شباط حيث سيزور مكّة والمدينة قبل ان يتوجه بداية مارس إلى الرياض للقاء الملك سلمان والمسؤولين السعودين في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها بعد تولي الملك سلمان سدّة الحكم في المملكة. وقالت مصادر دبلوماسية تركية لنون بوست أنّ الزيارة تهدف الى توثيق التعاون الثنائي بين كلا البلدين على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري والتسريع من وتيرة هذا التعاون ومن التنسيق المباشر بين البلدين في الملفات الاقليمية المختلفة وذلك بما يتناسب مع حجم التحديات الكبرى لناحية الزحف الايراني في المنطقة وصعود حركات التطرّف المسلحة وانهيار الدول المجاورة. وتشير هذه المصادر إلى وجود رغبة تركية صادقة في ملاقاة التحول السعودي الجديد بما يخدم العلاقات الثنائية المشتركة ويعزز من الأمن والاستقرار في المنطقة. وتؤكّد هذه المصادر أنّ التحديات المتفاقمة التي تواجه كل من أنقرةوالرياض على الصعيد الاقليمي تعدّ محفّزا كافيا لتقارب أكبر ولتعاون أوسع بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، وانّه اذا ما استطاع البلدان تجاوز بعض العقبات بخصوص وجهات النظر المختلفة التي كانت سائدة سابقا وايجاد حل لها، فانهما سيكونان قادران من خلال التعاون المشترك على تغيير المعادلة الاقليمية. رسائل تركية وردود سعودية --------------------------------- ويرى مراقبون أنّ رئيس الجمهورية التركية رجب طيّب أردوغان لم يتأخر في استغلال الفرصة للتعبير عن هذه الرغبة وإرسال الرسائل الإيجابيّة إلى الملك السعودي الجديد، إذ بادر أردوغان فور وفاة الملك عبدالله الى قطع جولته الأفريقية وتوجّه مباشرة الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مراسم التشييع الرسمية، كما أعطى توجيهات باعلان يوم 24 يناير الماضي يوم حداد رسمي في تركيا وبتنكيس الأعلام على المؤسسات والمباني الرسمية في بادرة هي الأولى من نوعها على الإطلاق في البلاد. ويشير هؤلاء الى أنّ المملكة لم تتأخر في التقاط الرسائل التركيّة الايجابية والرد بمثلها، إذ دعى ولي ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف فور تسلّمه لمنصبه نظيره التركي أفغان ألاء لزيارة المملكة في 17 فبراير الحالي، حيث تم التباحث في شأن التعاون الأمني المشترك بين الجانبين. ومثله زار الجنرال نجدت أوزال رئيس هيئة أركان الجيش التركي السعودية في 19 فبراير الحالي حيث التقى كبار المسؤولين وحضر كذلك اجتماع قوات التحالف المشترك ضد تنظيم "داعش". وكان الميناء الاسلامي في جدة قد استقبل بداية فبراير الفرقاطة الحربية التركية "تي جيه جي- بويوك أدا" التابعة للبحرية التركية في اطار تعزيز العلاقات العسكرية الثنائية بين البلدين. بالاضافة الى ذلك، فقد تمّ الموافقة على ترتيب زيارة أدروغان الحالية للمملكة خلال فترة وجيزة جدا، ومن المتوقع ان يقوم أردوغان أيضا خلال زيارته للمملكة بتوجيه دعوة رسمية للعاهل السعودي الملك سلمان لحضور احتفالات الذكرى المئوية لمعركة (تشانكلة) التي تقام في 24 أبريل القادم. العلاقات الشخصية وتسريع التعاون الثنائي ------------------------------------------------- وتعتبر علاقات الملك سلمان الشخصية مع أردوغان جيدة جدا خاصّة وأنّ سلمان كان قد لعب دورا مهمّا في تمتين العلاقات الدفاعية والعسكرية السعودية – التركية عندما كان وليّا للعهد لاسيما خلال زيارته في مايو 2013 والتي عبّر خلالها عن رغبة بلاده بتعميق العلاقات الثنائية، مشيرا الى الموقف المتقارب للبلدين من عدد من الملفات الاقليمية. وكالملك سلمان، يتمتع ولي ولي العهد محمد بن نايف بعلاقة ايجابية أيضا مع المسؤولين الاتراك، حيث من المتوقع ان يزور تركيا قريبا ايضا خاصة اذا لم يستطع الملك سلمان الحضور في أبريل القادم. ومن الواضح انّ الجانبان استطاعا من خلال العلاقات الشخصية الجيّدة من جهة، ومن خلال الخطوات المتسارعة التي تمّ اتخاذها من جهة اخرى تقصير الفترة اللازمة لاعادة المياه الى مجاريها الطبيعية بينهما حيث من المنتظر ان يؤدي ذلك الى تسهيل التواصل السياسي بين الجانبين للوقوف على اجندة اقليمية مشتركة الملفات التي سيتم نقاشها خلال الزيارة --------------------------------------------- من المنتظر ان تناقش الزيارة العلاقات الثنائية بالإضافة الى التحديات الاقليمية المتسارعة التي تواجه الطرفين لاسيما وانّ مواقفهما تكاد تكون متطابقة تماما في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، وكذلك الأمر بالنسبة الى تمدد النفوذ الايراني الذي يهدد مصالحهما المشتركة من جهة ويخلق البيئة المناسبة لتكاثر الجماعات الارهابية والمتطرفية من جهة أخرى. وتسعى الزيارة الى توحيد وجهات النظر من الملفات الاقلمية سياسيا وكذلك زيادة التعاون الاقتصادي والعسكري، كما انّ جزءً من الزيارة سيخصص لبحث كيفية تجاوز الاختلاف في وجهات النظر في ملفات أخرى كمصر سيما وان هناك معلومات تشير الى انّ الجانب التركي مستعد للتجاوب مع اي مبادرة سعودية ايجابية تهدف الى تسوية الملف المصري وقد يطرح بعض الافكار بهذا الخصوص.