"إن أكبر عدو للمعرفة ليس الجهل، بل توهم المعرفة" – ستيفن هوكينغ يقول تقرير سابق لمجلة "فوربس" أن هناك فرق كبير بين "الذكي" و"المتذاكي"؛ فالأول يثق بنفسه ويستمع لآراء الآخرين وأفكارهم بصدر رحب، ويقيم أي معلومات جديدة، ويقبل كل ما يضيف له رصيداً جديداً من المعرفة، بما ينمي قدراته العقلية. أما الصنف الثاني من الأشخاص، وهو المتذاكي، فإنه يدعي معرفة كل شيء، ويعد أي آراء أخرى بمنزلة هجوم عليه، فيقابلها بأسلوب دفاعي كي يثبت عدم صحتها، وهو يرفض من دون تفكير أي فكرة تناقض أفكاره الخاصة. إن الأثر الذي يتركه مثل هذا الشخص على زملائه في العمل سيء جداً؛ إذ إن وجودهم معه في اجتماع أو جلسة عصف ذهني، سيدفعهم إلى عدم المشاركة بأفكارهم، وبالتالي إلغاء أي تنوع في وجهات النظر، والتي تحتمل أن تكون بذرة لإبداعات جديدة. كما أن الموظف المجتهد في عمله سيحتفظ برأيه لنفسه، وسيفضل عدم الدخول في نقاش عقيم مع مثل هذا النوع من الموظفين. وفي الأحوال جميعها، يكون الضرر الأكبر واقع على الشركة نفسها. كما قد يواجه المدير صعوبة في التعامل مع هذا الموظف المتذاكي، لاسيما إن كانت لديه مهارات مفيدة للشركة. وبالرغم من أهمية هذه المواهب، إلّا أنه يتوجب على المدير الحكيم اختيار نجاح الشركة، على بقاء هذا الموظف الذي يؤثر سلباً على ثقافة المؤسسة وأهدافها بتصرفاته السلبية. صحيح أن قرار صرفه سيكون صعباً، لكن على المدير أن يظهر لموظفيه كلهم، أنهم متساوون في الأهمية والقيمة مهما اختلفت ألقابهم أو مناصبهم. وقد يكون التعامل مع موظف متذاكٍ، أمراً لا مفر منه في مكان العمل. فما الذي يمكنك فعله تجاه ذلك. إليك بعض النصائح المفيدة: 1. تجنب الدخول في مواجهة معه، فذلك يعزز من نقاط ضعفه، وبالتالي يدفعه إلى التصرف بأسلوب دفاعي. فالحوار معه لن يفضي إلى أي نتيجة، لقناعته بأنه معصوم عن الخطأ. وبدلاً من الدخول في جدال معه، عليك الاستماع إليه ثم قول شيء مثل: "أنا أتفهم سبب توصلك إلى هذا الاستنتاج." أو "ما هو أفضل حل في اعتقادك؟" مما يدلل له بأنك لا تتجاهل رأيه، وتعطيه الفرصة للتراجع عنه وتغييره في الوقت ذاته، من دون الحاجة إلى اعترافه بالخطأ. 2. لا تحاول تغييره، فذلك صعب إن لم يكن مستحيلاً؛ لأن الذي يعتقد بمعرفته لكل شيءلم يصبح كذلك بين عشية وضحاها، ومحاولتك لتغيير أسلوب تفكيره سيؤدي إلى المزيد من الإحباط الناتج عن النقاشات العقيمة. كما عليك التأكد تماماً بأن غروره ليس أكثر من طريقة لديه لإخفاء نقاط ضعفه. لذا حاول أن تحافظ على رباطة جأشك وعامله بهدوء ولطف إن استطعت. 3. لا تتردد بالثناء على مواهبه وإنجازاته في الشركة؛ فالإشادة به عند القيام بأمر جيد سيساعد على نفي اعتقاده، بأنه ليس على قدر كاف من المهارة أو الكفاءة، وهو السبب الجذري لمشكلة ثقته بنفسه، مما سيجعله ذلك يعتقد بحاجته إلى التعلم والمعرفة. أما كيف تتجنب التحول إلى شخص متذاكٍ كالذي سبق ذكره، فعليك الأخذ بهذه النصائح أيضاً: 1. اسعَ دائماً لتعلم المزيد، وكن مرحباً بأي معلومات جديدة، فرغبتك الدائمة للمعرفة ستساعدك على البقاء في المسار الصحيح. 2. عند التحاور في موضوع أنت ملم به، لا تتردد بطرح أفكارك، ولكن احرص على إنهاء حديثك بشيء مثل: "هذا رأيي، ولكني أود سماع رأيك حول هذا الأمر أيضاً." مما سيعطي الشخص الآخر انطباعاً بأنك تقدر أفكاره، وتتقبل أي آراء جديدة. 3. لا تشعر بالتهديد أبداً من آراء وأفكار الآخرين، بل اتخذ منها فرصة لتوسيع آفاق معرفتك. كما عليك الترحيب بمشاركة زملائك، وحاول قدر الإمكان الاستفادة من معلوماتهم حول أي أمر. ولا تتردد بالإشادة بهم عند استحقاقهم للثناء. إن اعترافك بحقيقة أنك لا تعرف كل شيء، دليل على قوتك ووعيك، واستعدادك لتقبل المزيد من المعلومات والخبرة. لهذا، كن واثقاً بقدرتك على التعلم دائماً، وتذكر بأن الحكمة تأتي من اكتساب الخبرة والمعرفة مع مرور الزمن.