تقل سرعة السير في أوقات الذروة بشوارع جدة، لتصل أحياناً إلى 18 كم/ساعة، لتبقى الهواتف الذكية، والمذياع والكتاب، هي رفاق السعوديين في تنقلاتهم اليومية عبر سياراتهم، واليكم تفاصيل هذا التحقيق الذي أجرته "ايلاف": جدة: أغنية الفنان الراحل طلال مداح (وتمضي حياتي مشاوير وأتمنى الهنا)، لم تكتسب اليوم إلا مزيدًا من الواقعية بعد أن بات الانتقال من حي إلى آخر داخل جدة يستغرق قرابة الساعة، وهو تقريبًا الوقت المستغرق للسفر بين جدة ومكة، وبين بداية أي مشوار ونهايته أصبح هناك وقت مهدر، ففي مكان مثل (طريق المدينة) الواقع بقلب جدة، يصل هذا الوقت الضائع إلى مليون ساعة سنويًا، وفقًا لرصد (جي بي اس) وهو برنامج تحديد المواقع باستخدام الأقمار الصناعية. وهكذا يضطر معظم سكان جدة الذين قاربوا 4 ملايين نسمة، للانتظار في الطرقات وقتاً أطول، ففي أوقات الذروة تقل سرعة سير المركبات عن 18 كم/ ساعة، فيما تتنوع أسباب الزحام، ابتداء من مشاريع الجسور والأنفاق الجاري إنشاؤها، مرورًا بموقع جدة الجغرافي، والذي جعلها قبلة للمعتمرين والحجاج والسيّاح، وانتهاء بعدم مناسبة تخطيط المدينة القديم لمعدلات تزايد سكان جدة وسياراتهم، ليظل لكل طريقته في تمضية هذا الوقت الضائع في تنقلاته. واتس وراديو وكتاب --------------------- ويعتمد الكثير من أصحاب المركبات على الراديو للتغلب على ملل الطريق والضغط العصبي الذي يسببه الزحام، حيث تحشد اغلب الإذاعات أفضل برامجها في ساعات الذروة التي تعتبر من الأوقات الأعلى استماعًا، فيما تبرز برامج الرياضة والمعلومات الخفيفة والاستشارات على رأس القائمة، ولا تسبقهما إلا إذاعة القرآن الكريم ونداء الإسلام، والتي يستمع إليها كثيرون في رمضان. وآخرون فضلوا الهواتف الذكية رفيقًا لصحبتهم في الزحام، حيث يقول عبد الرحمن مرداد (27 عامًا) إن الواتس اب أو تويتر أو الفيس بوك، هي مؤنساته وقت الانتظار في الإشارات والتكدس المروري. وأشار في حديثه ل "ايلاف" إلى أن اغلب زملائه في العمل يكونون على تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم متواجدون في تكدس مروري آخر، يجمعهم الواتس ويفرقهم الزحام الذي بات حالة عامة لكل سكان جدة ، بحسب وصف مرداد. وفي ظل تنامي الزحام برزت دعوات للاستفادة من الوقت الضائع في القراءة، لاسيما بين النساء اللواتي يكنّ دائمًا بعيدات عن مهام القيادة في السعودية، مما يمكنهن من الاطلاع، حيث باتت للقراءة مكانة جيدة بين وسائل التسلية. ففي رحلتها اليومية بين العمل والمنزل تحتفظ منيرة سعيد في حقيبتها ببعض الكتب لتمضية وقتها بشكل مفيد، وبينما يرى البعض أن القراءة تستلزم تركيزًا وحضوراً لا يتوافران لدى الشخص أثناء تنقله، تقول منيرة في حديثها ل"ايلاف": نحن لا نقرأ كتابًا في الكيمياء، وإنما نقرأ كتبًا خفيفة تزيد من معلوماتنا في شتى المجالات. مدينة الجسور والأنفاق ---------------------- في غضون ذلك، يتواصل في مدينة جدة تنفيذ مجموعة من الجسور والأنفاق التي من المتوقع أن تسهم في تحسين الحركة المرورية، حيث تعمل المعدات ليل نهار على تنفيذ عدة مشاريع في هذا الصدد، فيما جرى تسمية جدة على لسان سكانها وزائريها بمدينة الجسور والأنفاق. فعلى على مدار ثلاث سنوات ظهرت 5 جسور وأنفاق جديدة بالمدينة، بينما يجرى العمل حاليًا على تنفيذ 6 أنفاق أخرى، بهدف تحرير الطرق من التقاطعات والإشارات المرورية. وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لمشروعات الأنفاق والجسور، إلا أن عدداً من سكان المدينة أكدوا أن المشكلة المرورية لم تحل جذريًا، وإنما انتقل الزحام إلى مناطق أخرى، وهو ما يستدعي - بحسب رأيهم - ضرورة تسريع الجهود من اجل التوسع في النقل العام بمختلف صوره وأشكاله، إذ إن الحلول الدائمة تتمثل في إيجاد نقل عام متطور (قطارات ، مترو) يتم من خلاله جذب الأهالي والسكان لاستخدامه، مما سيسهم في الحد من الاختناقات المرورية بشكل نهائي.