المظاهرات التي تعم مصر حاليا تطالب برحيل الرئيس مرسي وإنهاء حكم الإخوان المسلمين، لكن السؤال: ما هو البديل المطروح، كي لا تدخل البلد في فراغ سياسي وفوضى أمنية؟ ألجيش مثلاً؟ وهل يكرر السيسي ما قام به طنطاوي؟ كانت المظاهرة التي انطلقت من شارع الخليفة المأمون والتي انتهت أمام قصر الاتحادية في القاهرة واحدة من أكبر المظاهرات التي خرجت الأحد (30 يونيو/حزيران) ضد حكم الإخوان والرئيس محمد مرسي. ردد المظاهرون هتافات بعضها موجهة للفريق عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، تدعو الجيش للتدخل، مثل "انزل يا سيسي، مرسي مش رئيسي". بل وقد حاول أحد المتظاهرين أن يكتب على الجدار: "اتنين مالهمش أمان، العسكر والإخوان"، فمنعه الناس وطالبت إحدى السيدات بتسليمه للجيش. من سيحل محل مرسي؟ يقول شاب اسمه محمد الشلقاني: "أنا ضد الانقلاب العسكري لأن هذا معناه عودتنا للحكم العسكري. وعقيدة الجندي هي الولاء لشخص بعينه، هو قائده، بعكس المدني. ولكن فأنا أؤيد أن يدير الجيش المرحلة الانتقالية لعدة أشهر يضاغ خلالها الدستور الجديد وينتخب مجلس شعب ورئاسة". أما من يدير البلد بعدها فخياره الأول هو: "مجلس رئاسي مشترك، يضم عضوا من الجيش وآخر من الجماعات الإسلامية، كي لا يشعروا بالغبن. وعلى أن لا يكون من حق عضو المجلس الرئاسي الترشح للانتخابات الرئاسية، بحيث نضمن عدم طمعه في الكرسي". تسليم الحكم مؤقتا للمحكمة الدستورية مجموعة شباب، منهم مايكل وأحمد، يهللون للطائرة العسكرية المارة فوقهم. يصرح مايكل بأنه يريد الحكم القادم لمصر حكماً عسكرياً: "الأغلبية المطلقة تريدها عسكرية، لأن العسكر وطنيون، وفوق ذلك فهم أقوياء"، ولكن أحمد يختلف معه ويفضل المسار القانوني، بحث يتولى الحكم رئيس المحكمة الدستورية، كما ينص الدستور، إلى حين إقرار دستور وبرلمان جديدين، قبل التفكير في من يكون الرئيس القادم. وهذا من وجهة نظره ما كان يجب أن يحدث بعد الثورة. ويضيف: "نريدها مدنية، لا نريد عسكر مرة ثانية. نريد أن يكون رئيس الجمهورية قوياً بحكومته وليس بالعسكر". مجموعة من العمال أتت من شبرا الخيمة سيراً على الأقدام لتشارك في فعاليات اليوم. بدأوا في مظاهرة من 500 شخص لتصل إلى عشرات الآلاف وقت دخولها محيط قصر الاتحادية. أحدهم من ناخبي محمد مرسي النادمين، إذا يول: "كنا نعتقد أنه جيد، ولم نكن نريد لأحمد شفيق أن ينجح، ولكن مرسي فاجأنا بانحيازه للإخوان المسلمين". والآخر يريد للفريق السيسي أن يدير البلد الآن، ومبرره في ذلك أن "الجيش لم يعاد الشعب من قبل، والناس يهتفون: الجيش والشعب إيد واحدة. أنا أوافق أن يتولى الجيش إدارة المرحلة الانتقالية إلى حين كتابة دستور جديد ثم إقامة انتخابات رئاسية". هل اضحى الجيش بديلاً مقبولا؟ دعوات لللجيش للتدخل؟ سامي شنب، عضو الأمانة القانونية في حزب "ألدستور"، يرى أنه في حالة رحيل مرسي، فإن صيغة لأي مجلس رئاسي مدني لا يشارك فيه الجيش لن تكون نافعة، "فبعد الثورات يكون للجيش تواجد أكبر بسبب الانفلات الأمني الذي لا تقدر عليه الشرطة، ولكنني لا أوافق على عودة الجيش للحكم، فهذا سيكون معناه أننا لم نفعل شيئاً. قائد الجيش معتاد على صيغة الأوامر والطاعة وهذا ما يختلف فيه عن المشتغلين بالسياسة". ويرد عليه أحمد خميس بأن: "المشكلة كلها بدأت من عبد الناصر وحكمه العسكري. لو كان هناك تعددية حزبية أيام عبد الناصر لكنا قد عرفنا من هم الإخوان المسلمين ولم ننخدع فيهم". ولكن شنب يختم: "أنا سعيد لأن الإخوان هم من في السلطة الآن. (...) ولو كان الموجود على رأس السلطة رئيس آخر لكانت الناس ستتمنى لو كانت قد انتخبت الإخوان. وكانوا سيقنعون الناس أنهم ضحايا". أما أحمد، ويعمل حداداً من حي المطرية الشعبي، يرفض الإخوان لأنهم في رأيه أحدثوا حالة من الفتنة في البلد: "نزلنا يوم خمسة وعشرين يناير، وكنا على قلب رجل واحدا، مسلم مع مسيحي، وإخواني مع غير إخواني، أما مرسي فقد أخذ البلد كلها لحساب الإخوان الآن. الإخوان كانوا قد وعدوا في البداية بأنهم لن يرشحوا أحدهم لرئاسة الجمهورية، والآن الوزراء أغلبهم من الإخوان، والمحافظون أيضاً". ولكن أحمد لا يريد تدخل الجيش، ويرى أن الجيش دوره الأساسي هو حماية البلد من العدوان الخارجي: "وبرغم هذا، إذا ما واصل الإخوان العناد واستمروا في أخذ البلد لحسابهم كما يفعلون الآن فسوف نطلب من الجيش أن يسيطر على الأوضاع وأن يعيد حبسهم مرة أخرى، ثم يقيم مجلساً رئاسياً من جميع الأحزاب، كي لا يسيطر حزب واحد على الحكم مرة ثانية". يذكر أن أحد زعماء المعارضة، وهو حمدين صباحي أحد قادة جبهة الإنقاذ الوطني المصرية، دعا صراحة مساء الأحد الجيش إلى التدخل وإعلان البيان رقم واحد، "إذا لم يستجب مرسي لإرادة الشعب". وكان الفريق السيسي قال في بيان قبل أسبوع إن الجيش قد يضطر إلى التدخل في الحياة السياسية "لمنع اقتتال داخلي"، مشددا على أن الجيش المصري ينحاز إلى "إرادة الشعب". وفي تطور لاحق أمهلت القيادة العامة للجيش السياسية 48 ساعة للاتفاق على مخرج من الأزمة السياسية، مهددة في بيان صدر بعد ظهر الاثنين بأنه ستعلن عن "خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة".