مكة أون لاين - السعودية كثر الحديث في هذه الأيام عن الطاقة الشمسية ومستقبلها، فما كتب وما سيكتب عنها في المستقبل يشير إلى أنها ثورة منتظرة في عالم الطاقة، لأنها تأتي من مصدر دائم لا ينضب، ولن يتوقف يوما ما إلا بنهاية الكون، والأعوام المقبلة ستكشف مزيدا من التقدم والتطور في صناعتها، كطاقة نظيفة يتفق الجميع عليها، بما فيه أنصار البيئة. وتتمتع المملكة، وفقا للتقارير والدراسات المتخصصة في الطاقة الشمسية، بواحد من أعلى مستويات الإشعاع الشمسي في العالم، إذ تتلقى في المتوسط ما بين 1800 إلى 22000 كيلوواط في الساعة لكل متر مربع في السنة، وهي بلا شك مستويات قياسية كافية في حال تم استغلالها بشكل سليم لجعل المملكة في مركز متقدم في صناعة الطاقة المتجددة وتصديرها. ومن أجل ذلك، تعمل المملكة على استغلال على مستويات الإشعاع العالية لإنتاج 25 جيجا واط بحلول 2032، تشكل نحو 50% من الطاقة المتجددة المستهدفة التي تعتزم المملكة إنتاجها لتلبي أكثر من 30% من حاجة المملكة من الكهرباء، بدعم من الخطط التي كشفت عنها مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة في وقت سابق في مقترحاتها حول مصادر الطاقة المستدامة والسعة المستهدفة والتي سيتم إحلالها تدريجيا حتى الوصول إلى 50% من احتياجات المملكة للطاقة بحلول 2032. وفي السياق ذاته، أوردت مجلة كلين تكنيكال (Clean Technical) الالكترونية المتخصصة في التكنولوجيا النظيفة أن الأمريكيين قدروا أن سعر الكيلو واط / ساعة من معامل الطاقة الشمسية التي ستبدأ الإنتاج بحلول عام 2019 ستتراوح بين 130 و243 دولارا، فيما قدرت «Solar Direct» كلفته في السعودية بين 70 و100 دولار للكيلو واط/ ساعة، والتقديرات لتكلفة الطاقة الشمسية في المملكة تختلف من منطقة لأخرى، إذ إن سعر 70 دولارا للكيلو واط/ ساعة يتعلق بإنتاج معامل الطاقة الشمسية في مناطق غرب السعودية، فيما يتعلق سعر 100 دولار للكيلو واط/ ساعة بإنتاج المعامل الواقعة على الخليج العربي. مستويات الإشعاع الشمسي العالية، والتكلفة المنخفضة نسبيا تمنح المملكة أفضلية سواء في إنتاج الطاقة الشمسية واستهلاكها محليا، أو في حال تصديرها إلى العالم الخارجي للجاذبية العالية في الأسعار للمشترين الخارجيين، إضافة إلى أن تكلفة إنشاء مرافق توليد الطاقة الشمسية لا تزال أسعارها في مستويات مقبولة. بالطبع مشاريع الطاقة الشمسية ما زالت في بداياتها، وتواجه مشاكل وتحديات تكنيكية وعملية، منها ما نشرته مجلة سولار إنرجي ديفلوبمنت «Solar Energy Development» من أن تأثر الخلايا الشمسية بالعوامل الجوية، وتراجع أدائها بنسبة 50% في حالة تعرضها لموجات الغبار أهم مشكلة تواجه مشاريع الطاقة الشمسية. هذا الطموح يجب ألا تقتله التحديات الحالية، وتحقيقه أمر ليس بعيد المنال، وسيكون يوما ما واقعا، لكن تكلفة التأخر في تنفيذه ستكون مرتفعة، ولذلك يفترض أن يبدأ العمل على تطويره في الوقت الراهن بعيدا عن الوقود الأحفوري ومستقبله، ومستويات الاحتياطي الذي لا يزال الخلاف حول مدة بقائها ومدى كفايتها للقرن القادم من عدمه مستمرا. لأن التأخر في تنفيذ هذه المشاريع سيقود إلى زيادة تكلفة الاستثمار فيها مستقبلا، إضافة إلى التكاليف المرتفعة أصلا في الوقت الحالي، بالتالي فقدان ميزة تنافسية، وارتفاع التكاليف سيأتي نتيجة لارتفاع تكلفة أسعار تجهيز مرافق توليد الطاقة الشمسية وتخزينها، لاحتدام المنافسة التي سيخلقها الطلب المتسارع والمنافسة الكبيرة عليها مستقبلا. ومن أسباب التأخر في تنفيذ وتطوير مشاريع الطاقة الشمسية: غياب التشريعات التي تنظم استخدام الطاقة الشمسية، وإقناع القطاع الخاص للاستثمار في الطاقة المتجددة، ولأن الحلول عادة تولد من رحم المشكلة، فإن سن التشريعات والأنظمة التي تنظم استخدام هذه الطاقات في المستقبل، إلى جانب تعديل أنظمة الاستثمار في هذا القطاع بما يضمن تشجيع وجذب المستثمر المحلي والأجنبي للاستثمار، هما الخطوة الأهم لتنمية هذه الصناعة.