الوطن - السعودية تواجه المرأة الكثير من المشكلات في تعزيز دورها الاجتماعي والتنموي، حيث إن الأمر الذي لا يزال عالقاً في الذهنية الاجتماعية بين العامة وغيرهم، هو حرمانها من التعايش مع حياتها حتى لا تكون فتنة ومصدر إغواء لأي رجل قد يواجهها في الطريق العام، والمجتمع يشفع للرجل في هذه الحالة ويجد له المعذرة التي لا يملك بسببها السيطرة على غرائزه وتصرفاته، والأدهى من ذلك ألا يعده أحد مسؤولا! لو تأملنا سنلاحظ أن الصراع حول الوضع الذي يجب أن تكون عليه المرأة في امتلاك شأنها الخاص هو الصراع ذاته حول مسؤولية الرجل تجاه التحكم بغرائزه، أي إنه لم يوجه للتعامل وفق مسؤولية ورقابة ذاتية، في حين إن العلاقات الإنسانية لم تنظم بالشكل السليم وكأسلوب حياة طبيعي، فالعلاقات قائمة على التوجس من الجنس الآخر وتصويره بأنه مصدر للخوف والخطر. لكن السؤال: هل نغلق على المرأة حياتها ونحرمها حتى من فرص العمل -كمثال- أو السفر للتعلم، ونخضعها تحت رقابة الزوج أو التسلط الأسري حتى نقيها عبث هذا المراهق، ونجعل تحجيبها وعزلها الآلية التي يقوم عليها تنظيم الغريزة عند الرجل؟! فيما نحملها بالتالي مسؤولية وقوعه في غوايتها لمجرد أن المجتمع يعزل حقوقها المدنية عن الدين ويصورها للرجل على أنها "فتنة"؟! أم هل نسأل عن طريقة نجعل مسؤولية المرأة فيها مساوية للرجل ونبحث عن سبيل لإدراج استقلاليتها عنصرا أساسا في بناء الحياة ومشاركتها له؟ في ظل التعارف الذي يفرضه الواقع وعلاقات العمل بما تقتضيه هذه الحال في أطر التوجيهات الأخلاقية والدينية السمحة "والقول بالمعروف" والمجرد من التأويلات اللاأخلاقية. سوء التنشئة هو إحدى الحجج التي أسهمت سلباً في تحديد مجالات العمل للمرأة التي كان من المفترض -تبعاً لتحقيقها- أن تفرض القوانين التي تربي الفرد وتعلمه كيف يتعامل مع نفسه ومع الجنس الآخر لمعالجة هذه الإشكالية والحد من تبعاتها، والتي توضع حلولها على محك الحضارة في نمو المجتمعات. ولا ننسى دور التربية في ضبط الغرائز وليس كبتها، فإن أهم ما يمكن أن تزرعه التنشئة في الفرد على المستوى الأسري والاجتماعي هو خلق الاتزان النفسي وتحسين مفاهيم الجنسين تجاه بعضهما البعض، وهذا ما سيجعل الفرد أكثر نضوجا ومسؤولية.