د. هيثم باحيدرة الاقتصادية - السعودية تتمتع الطاقة المتجددة - طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية- بالقدرة على الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تسهم في تغير المناخ، وعلى تحقيق التوازن في ملف توليد الكهرباء، وبالتالي التخفيف من ارتفاع الأسعار بسبب الاعتماد على مورد واحد أو غيره، وكذلك تيسير عملية التوليد والتأثير بشكل إيجابي على العجز في الناتج. وقد أدرك عديد من الولايات منذ فترة طويلة قيمة الطاقة المتجددة لمن أراد تحقيق هذه الأهداف وغيرها كذلك، مثل خلق فرص العمل، ووضع مجموعة متنوعة من الإجراءات السياسية لتشجيع تبني توليد الطاقة المتجددة، بدءا من المرافق وصولا إلى التوليد الموزع على مستوى المستهلك. ويقدم هذا المقال توضيحا وجيزا لأربعة إجراءات بارزة متاحة أمام صانعي السياسات الحكومية، والتحديات الأساسية التي يجب التغلب عليها لتحقيق مزيد من التقدم في مجال الطاقة المتجددة، بدءا من معيار ملف الطاقة المتجددة. الأكثر انتشارا بين هذه السياسات والأكثر نجاحا حتى الآن، هو اعتماد معيار ملف الطاقة المتجددة RPS. ومعيار ملف الطاقة المتجددة RPS هو عبارة عن صلاحيات تنظيمية لزيادة إنتاج الطاقة من مصادر متجددة مثل الرياح والشمس والكتلة الحيوية وغيرها من بدائل توليد الكهرباء بالوقود الأحفوري والنووي، وهو يعرف أيضا باسم معيار الكهرباء المتجددة. ويتطلب هذا المعيار تحصيل جزء من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة أو المبيعة من الطاقة المتجددة. وحتى يومنا هذا طبقت 29 ولاية أمريكية من بينها واشنطن العاصمة معايير ملف الطاقة المتجددة، بينما وضعت سبع ولايات أهدافا غير إلزامية بمجال الطاقة المتجددة. وتبدأ معظم الولايات عادة بالحد الأدنى من المتطلبات -قرابة 2 إلى 3 في المائة من المعايير- ثم تتزايد تدريجيا على مدى فترة من السنوات للسماح بالوقت اللازم للمرافق للامتثال بهذه المعايير. وتمتلك ولاية هاواي حاليا المعيار الأكثر ضراوة بنسبة 40 في المائة، ولكن بحلول عام 2030 ستفرض معظم الولايات في الغالب متطلبا نهائيا يبلغ نحو 20 في المائة. ومن الجدير بالملاحظة أن هذه المعايير تأخذ كثيرا من الأشكال المختلفة. ويرى البعض أنه لا يجب الإنفاق على توليد الطاقة المتجددة إلا إذا كان هذا الأمر يعد بخلق فرص عمل جديدة. بينما يحدد البعض الآخر المحافظة على مزيج معين من الموارد أو الاعتماد فقط على بعض مصادر الطاقة المتجددة وفاء بالشروط. ومن بين التحديات التي تواجه معيار ملف الطاقة المتجددة RPS هو أنه في كثير من الأحيان يكون الأسهل للمرافق العامة الامتثال للمعيار عبر توظيف أرخص الموارد المتاحة (الذي عادة يكون طاقة الرياح). وفي حين يبدو هذا الأمر مقبولا اقتصاديا من ناحية الامتثال للمعيار، إلا أنه لا يعامل كل التقنيات على حد سواء. ويحتاج عديد من الموارد -مثل الطاقة الشمسية– إلى مزيد من الدعم لمساعدته على تحقيق التنافسية من حيث التكلفة. وتقدر تكلفة الطاقة الشمسية حاليا بأنها مرتفعة ضعفين إلى خمسة أضعاف عن إمكانية الاستغلال على نطاق واسع. ولا شك أن المصلحة الوطنية للمملكة العربية السعودية تقتضي توظيف خليط متنوع وواسع قدر الإمكان. وبالتالي تدعونا الحاجة إلى وضع سياسات ملائمة مثل السياسات المخصصة (أو محددة الغرض) التي تقتضي توليد جزء من الكهرباء المتجددة من مورد معين. ومن المتوقع لهذه السياسات أن تلعب دورا مهما في دفع عجلة الطاقة المتجددة الأكثر صعوبة من الناحية الفنية والأكثر تكلفة، وبينما تعد معايير ملف الطاقة المتجددة RPSs جديدة نسبيا ولم تحقق -حتى الآن- نتائج ملموسة طويلة المدى يمكن إبرازها، إلا أن هذه المعايير تعمل على توليد الطاقة المتجددة بمعدلات متسارعة ودون زيادة تكلفة الكهرباء بأي مقدار كبير. وفي الحقيقة يتوقع لمعايير ملف الطاقة المتجددة RPSs أن تحقق 30 في المائة من نمو الأحمال بين عامي 2000 و2025م. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه مع حرصنا على دفع الطاقة المتجددة نحو مزيد من التقدم. وبعد سنوات من مشاهدة النتائج الإيجابية، فمن المرجح أن تسعى المملكة إلى توسيع معايير ملف الطاقة المتجددة بشكل أكبر. وقد ساعد معيار ملف الطاقة المتجددة RPS أيضا على تحفيز نمو الفرص الوظيفية، التي تأتي في مجالات التصنيع، والهندسة، والمبيعات، والإدارة، والصيانة. وعلى الرغم من أن كثيرا من مكونات الطاقة المتجددة لا يزال يصنع في الخارج، إلا أن عديدا من الشركات المحلية بدأ التركيز على التصنيع داخل المملكة. وقد وضع عديد من الشركات في المملكة مجموعة من الحوافز لجذب مصنعي وحدات الطاقة الشمسية إلى المملكة، الأمر الذي من شأنه أن يخلق مئات فرص العمل.