غدا في الكويت، قمة جديدة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. غدا تطرح الأسئلة الحقيقية على طاولة النقاش. غدا تعلم دول الخليج أن ما يجمعها أكثر مما يفرق. السعودية، كبرى دول الخليج، طرحت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011 في الرياض الدعوة للانتقال من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد، وأطلق خادم الحرمين الشريفين هذه المبادرة الكبرى في عمر هذا المجلس الذي ناهز ال30 عاما. منذ إطلاق الدعوة والسعودية تكرر دوما التأكيد على هذه الدعوة، فهي ليست مجرد انفعال لحظي، بل رؤية بعيدة المدى لمستقبل هذه الدول في حال اتحادها. الدكتور نزار مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية قال في البحرين قبل أيام: «الدعوة إلى انتقال مجلس التعاون من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل والوحدة الكاملة لم تعد ترفا». قبل ذلك وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أكد الدعوة في مايو (أيار) 2012 في خطاب له ألقي في لقاء الشباب الخليجي بالرياض، شدد فيه على إيجاد «صيغة اتحادية مقبولة». وكان كلام الفيصل حينها عن «صيغة مقبولة» لتبيان أن هذه الدعوة للاتحاد ليست مهملة لطبيعة الفروق بين طبيعة النظم السياسية الخليجية ولا «الخصوصيات» التي تميز مجتمعا وآخر، بل هي للذهاب نحو الجوامع لتعزيزها. كان موقف سلطنة عمان الأخير حول الدعوة للاتحاد الخليجي هو الأصرح في إبداء الهواجس حول مشروع الاتحاد، والصراحة أول خطوة نحو التفاهم، وذكر الوزير العماني يوسف بن علوي أن السلطنة لن تقف ضد قيام الاتحاد الخليجي - إن نوقش - في قمة الكويت هذه، لكن السلطنة ترفض أن تكون جزءا من الاتحاد. بعبارة أخرى، عمان تقول إنها في حال قيام اتحاد خليجي، للراغبين فقط، فلن تكون هي فيه، وهذا ما لا تريده بقية دول الخليج، لأن خروج دولة من المجلس يعني تفتت المجلس نفسه. تجربة الاتحاد والوحدة ليست جديدة على الدول الست، فالسعودية والإمارات وعمان، تحديدا، هي نتاج كفاح وحدوي اتحادي. القائم الآن هو ملامح من سلوك الاتحاد الخليجي، مثل: قوات درع الجزيرة، التنقل بالبطاقة المدنية، القمة الدورية، بطولة كرة القدم. وهناك مخاطر أمنية إقليمية يفترض أنها توحد دول الخليج، مثل الهاجس الإيراني، وخطر الإرهاب، وخطر الخلل السكاني، وملف اليمن. حتى لو أرادت دولة من الدول الست معاندة الحقائق الصلدة، فإنه لا يصح إلا الصحيح في النهاية، والخطر، من حيث هو خطر، لا يفرق بين ضحاياه. انتهت منظمات عربية أخرى سابقة، بسبب تناقض المصالح، مثل مجلس التعاون العربي (الأردن، العراق، مصر، اليمن)، وقبله حلف بغداد والاتحاد المغاربي، وبقي مجلس الخليج عامرا رغم كل الضجيج، داخله وخارجه.