بدأت قضية الشهادات العليا المزورة والجامعات الوهمية مشروعا للعرض في مجلس الشورى لتخرج كقضية رأي عام على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم هم عام وقضية عاجلة بين وزارتي التعليم العالي، والخدمة المدنية لإعادة النظر في بعض الشهادات العليا، ما سيؤثر في كثيرين حصلوا على شهادات مزورة، أو من جامعات غير معترف بها، والوضع سيكون صعبا لهؤلاء إن كانوا قد حصلوا على أعمال حكومية، ومناصب، أو إن كانوا رخصوا مشاريع عمل بناء على هذه الشهادات، أما الذين أصلا على وظائف، وكان هدفهم من الشهادات العليا هوس الألقاب فهذا أمر اجتماعي أكثر منه حكوميا. من المؤكد أن القضية ليست ببساطة تصفية حسابات بأن شهادة فلان أو علان مزورة، أو من جامعة غير معترف بها، ولكنها ستصير قضية مصير وظائف، ومناصب رسمية، وقطاعات أعمال، وتدريب مرخصة يرأسها أشخاص متهمون بالتزوير أو عدم الكفاءة، وهذا أمر ليس بالسهل، ولا المقبول حتى لو سكتت بعض الجهات على من حصل على شهادة ليضيف لاسمه حرف الدال لقصور معنوي عنده، لكنه لا يؤثر في وظيفته أو عمله. كما أشرت سابقا فآخر الأخبار أن وزارتي التعليم العالي والخدمة المدنية تلقيان بثقلهما لتنظيف الجانب الأكاديمي من تهم الفساد، وهذا أمر قانوني منوط بالوزارتين، وكانت وزارة الصحة قد خطت سابقا نفس الخطوة بكشف الكثير من الشهادات المزورة، والشهادات غير الصحيحة من جامعات غير معترف بها، وحدث قبل مدة أن كثر لقب دكتور في وظائف التربية والتعليم فأصدرت وزارة التربية والتعليم تعميما لإداراتها بعدم كتابة لقب دكتور في مكاتبات الوزارة الإدارية، لأن كثيرين حصلوا على الوظيفة قبل اللقب وسعوا أثناء الوظيفة لحمل اللقب كتزيين معنوي. في رأيي ليس صحيحا اتهام الجميع، أو تصفية الحسابات بالتشكيك في مؤهلات الناس، لكن بعض الإداريين، وبعض ضعاف النفوس فعلا حصلوا على شهادات، وهم على رأس العمل وحملوا ألقابا متعلقة بهذه الشهادات، والفرز الذي لا بد منه هو إن كان صاحب اللقب قد استفاد وظيفيا في الترقية بشهادته المزورة أو غير المعترف بها، أم أنه استخدمها لقبا اجتماعيا من أجل الوجاهة، ولم يترتب عليها مكاسب إدارية أو مادية. الموضوع بيد الجهات الرسمية لكن الشهادات العليا ولقب دكتور، كما كانت هوسا في يوم من الأيام صارت مشكوكا في أمرها، وهذه هي المشكلة التي ستؤذي كثيرين من الذين يلبسون ألقابهم مثلما يلبسون مشالحهم، أما جانب التزوير فهذا أمر آخر علاجه في القانون. علينا أيضا ألا نجعل القضية تفتيشا فكثير من الشرفاء درسوا وعملوا وتخرجوا وخدموا وطنهم في التعليم وغيره، وكانوا كفؤا لما قاموا به من عمل.