كم كان جميلاً وهي ترّد على سؤال المذيع عن فقدانها السعادة بقولها: أنا في سعادة حقيقية اليوم، ولم تهزمني تلك الحملة لأنني استشعرت دعم الله مهنا الحبيل - المدينة السعودية كانت ديماس تتنافس على صدارة مسارح باريس وأوروبا كملكة زاحفةً لأغاني الراب.. كان المسرح حسب ما تصفه ديماس يضج بالتصفيق والهتاف الهستيري لها.. للمتعة أو المحاولة لصناعة المتعة.. شابة جميلة فاتنة في أدائها تكتب أغانيها المتمردة كما تقول وتعزفها بثورة على المسرح، وهو ما كان يطلبه الشباب في أوروبا، على الأقل في ساحات العصف الفني، كانت ديماس تبيع الألبوم بأربعة ملايين يورو ويزيد الطلب على حفلاتها ويزدحم والجمهور ينتظر المزيد في الأغنية الصاخبة والتمرد.. وهو ليس تمردًا سياسيًا ولا ثقافيًا هو تمرد عن القيم عن الحياة والاستمرار في إطلاق الرصاص على الفضيلة وبعثرة التفكير وإشغال الحياة عن السؤال الكبير.. لماذا أنا في الحياة..؟! وماذا تعني لي القيم والحياة والفضيلة والأسرة؟ هذه هي الأسئلة التي كانت مغيبة في صخب الضجيج الفني على مسارح أوروبا وهكذا أوضحت رسالتها ميلانو ديماس للمذيع المنتدب للقناة الفرنسية بعد انقطاع دام أربعة أعوام عن الإعلام، لكن ديماس أفصحت عن قصة أخرى لتلك المسارح والحفلات الصاخبة والعلاقات المنفلتة والصراخ والتصفيق والإعجاب، تقول ديماس نعم لقد أدركتُ أنني في حلقات الصعود الأخيرة للشهرة والمال والشعبية والنجومية الإعلامية، وفي ذلك العام 2008 اشتريت شقة فخمة واحدة لي وواحدة لأمي، وكان منظمو الحفلات حولي للمزيد من الغناء والتمرد والتصفيق حفلة تتلو حفلة.. لكن تلك الصورة التي يراني فيها الناس.. كل ذلك التصفيق كان يطعنني من الداخل يمزقني من وجداني.. فأقول لهم بصوت مختفٍ إلا في ضميري.. كفّوا إني أتمزق وأنتم تصفقون، هكذا قالت ديماس هكذا وصفت.. ما الحكاية ما القصة.. ماذا بعد الشهرة ماذا بعد المال ماذا بعد الشعبية.. تقول ديماس كلا لم أجد الحياة. وتستطرد ديماس في تفصيل مذهل عما لا يراه الشباب ولا المصفقون ولكن يعلم عنه المنظمون وتجار فن النخاسة من شركات الحفلات، ديماس الفرنسية كانت تعيش حالة اضطراب نفسي وكآبة وضيق، كل مسارات الترفيه لم تنجح في إطلاقها من هذا العذاب النفسي، فتوجّهت للعيادات النفسية وبدأت تتعاطى العقاقير ولا فائدة.. التمزق يزداد فزادت الجرعات ثم تطورت الحالة لدرجة أن تَدخل المشفى النفسي لشهر دون علم الجمهور الذي لا يزال يُصفق بعد أن تَخرج من المشفى بيومين وتُنظم لها حفلة ثم تعود للمشفى مرة أخرى بعد ثلاثة أيام.. فقررت الانتحار وعزمت عليه ووصلت مشارفه. وفي فاصلٍ دخل حياتها لا تدري كيف جاء.. من بعثه.. من أرسله لماذا وصل في هذا التوقيت وهو موقف بسيط للغاية لكنّه كان أوان التحول المركزي في حياة ديماس، تقول ديماس كانت لدي صديقتان فرنسيتان كاثوليكية ومسلمة من أصل عربي اسمها سوسو، من سياق حديثها أن هذه الصديقة ضمن ذات البرنامج والحياة التي تعيشها ديماس ليست من بيئة خارج أصدقاء ديماس مغنية الراب الفرنسية، في لحظة من لحظات اليأس والانهيار والصديقتان تحاولان التخفيف عن ديماس، قامت سوسو لتّهُم بمغادرة الغرفة إلى زاوية المنزل، وعادةً ما يتعلق الجريح النفسي بكل من حوله.. التفتت ديماس.. إلى أين سوسو ؟! أجابت سوسو ببساطة ديماس مُطَمئِنة إيّاها بعودتها.. فقط سأذهب لأصلي.. ديماس في لحظة تفاعل وتنبه يُحاول الخروج من الدوامة.. ماذا قلتي سوسو.. قلتُ سأذهب لأصلي، الصلاة.. الصلة.. الروح.. مصطلحات تقفز في هذه اللحظة في وجدان ديماس.. التفتت ديماس المسيحية إلى سوسو.. أريد أن أصلي معكِ.. لا تعرف لا تعلم ما قصة هذا الدين لكنّها الصلاة.. تقدمت ديماس إلى الصلاة اصطفت تفعل كما تفعل سوسو بلا مقدمات ولا وعظ ولا واسطة.. ثم هوت للسجود..عندها تُشير ديماس إلى لحظات السجود.. كيف غمرها ذلك البحر من المشاعر من صلوات الروح فصرخ وجدانها لقد وجدتُه.. الطريق إلى الله. منذ أن رفعت ديماس جبهتها عن الأرض كانت روحها مشبّعة بالقرار.. شعرت براحة وطمأنينة لم تمرّ في حياتها لم تسمع عنها لم تجدها في تشخيص الأطباء ولا وصفات الصيادلة فتقدمت إلى المسجد فتعرفت على الإسلام عن كثب وانخرطت في صفوف رحلة الحياة، ابتعدت عن الأضواء واعتزلت المسرح وأنشأت مسرح الحياة الصادق، أعجبني في حديث ديماس المتدفق بالإيمان والابتسامة رغم عدم نزاهة المذيع وتشكيكه خاصة في الحجاب، إنها كانت تَرّد بهدوء وقناعة عميقة لقرارها، وكان جوابها مُفحمًا ومذهلا حين تحدثت كيف شن عليها مسؤولو الإعلام الفرنسي حملة شرسة لأنها اختارت طريقها بحرية شخصية، وكيف طاردوها وشوهوها فقط لإسلامها وحجابها، وأعجبني حديثها عن الإسلام الحق الذي تحدثت عنه كما تقول في كتابها لا ما يصوره الإعلام الغربي أو يفعله الإرهابيون. وكان مبررًا للمشاهدين اعتزالها أي حديث إعلامي في ظل هذا الهجوم العدائي رغم قوة حجتها وثقتها بنفسها، وكم كان جميلًا وهي ترّد عليه في سؤاله عن فقدانها السعادة (المزيفة) فتبتسم وتقول أنا في سعادة اليوم حقيقية لدي بيت وزوج وطفلة جميلة، ولم تهزمني تلك الحملة لأنني استشعرت دعم الله.. وأي دعمٍ بعد الله.. ديماس هنيئًا لكِ الحياة.