في أحيان تجذبنا تصرفات بعض أفراد مجتمعنا إلى الواجهة الإعلامية العالمية كمجتمع غريب وعجيب، بحيث تكون الأفعال الصادرة من هؤلاء الأفراد محل استغراب كونهم أحدثوا فعلا غريبا يدخل ضمن العجائب والغرائب، وقبل أيام تحول مجتمعنا إلى (فرجة عالمية) عبر الفضائيات في نقل خبري لتقافز مئات الشباب إلى مستشفى مهجور (مستشفى عرقة) للبحث عن الجن هناك ليس بحثا فقط بل جاء التأكيد ممن حضر مداهمة الجن في استراحتهم بأن المداهمين رأوا الجن وسمعوا أصواتهم.! وسلسلة الغرائب لدينا لا تنتهي وأبطالها دائما جن وسحرة ومسحورون، وهي مسلسلات ذات بث متواصل، وكل حلقة منها يقبل على مشاهدتها والضحك منها ملايين البشر من كل أقطار العالم متلذذين بالنكهات المحلية المضافة على اكتشافنا للجن وما يفعلونه بنا دون العالمين، وهو الأمر الذي يستوجب منا تشكيل لجنة لحضور مؤتمر الجن والمردة الدولي ومخاطبة رؤسائهم بأننا تضررنا (ووقف حالنا) من تخاطف الجن علينا ومطالبة المردة بالعدل فبدلا من إرسال الجن إلى منطقتنا فحسب عليهم إرسالهم إلى كل العالم وتشكيل مثل هذه اللجنة يعد خدمة لبعض أفراد مجتمعنا الذين سكنهم الجن ولم يغادروا مساكنهم. المهم أن الجن (ذبحونا) هم والسحرة، فكل يوم ولهم حكاية، وكل يوم جني طالع وجني ساكن. ومع كثافة أخبار الجن تشعر أنهم غدوا يزاحموننا في المأكل والمشرب. إيه الحكاية يا جماعة، ألهذه الدرجة وصلت غرائبيتنا، إما أن يسكننا الجن أو نذهب للبحث عنهم وعن السحر والسحرة، ولو تخطينا الجني الذي سرق الملايين فإننا سنتذكر البعثة البحثية التي حدثت في بداية هذا العام حين تم تشكيل فرقة من الغواصين متخصصة بفك السحر الموجود في أعماق البحر، وبوصلتهم في الاهتداء إلى السحر البحث عن اكتشاف كل جسم مريب يوحي بأنه عمل سحري، فإن وجدوا أي شعر معقود فهذا يعني أنهم عثروا على سحر قاتل فيخرجونه من تلك الأعماق ويتلفونه وكأن العقدة تلك قنبلة نووية غاصت في بحارنا وقبل أن تنسف البلد تم إتلافها .. حقيقة لا يمكن لوم فئة يتم تغذيتها يوميا بما لا يتوافق مع دين أو علم، وإدخال المجتمع قسريا إلى عالم متخيل، فلا تثريب على من يركض بحثا عن جني ليصوره أو يلتقط معه صورة، فجزء منا تحول إلى باحث عن كل الجن التي تسكننا عل جنيا يدخلنا إلى العالم السحري فنعيش بعيدا عن الواقع .! أخيرا وبالعودة إلى مستشفى عرقة، هل يعقل أن يوجد مستشفى مهمل كل هذه السنوات من غير أن تتحرك أي جهة لمعرفة سبب توقفه، أين هي وزارة الصحة وهي التي تشتكي من ندرة الأراضي لإقامة مستشفيات، وأين هي جهات المراقبة عن صرف ميزانية إنشاء مستشفى وتعطله.. أين وأين وأين ..