في خبرٍ آتِ من العاصمة الإماراتية أبوظبي، يقول: “أمرت النيابة العامة بحبس ثلاثة إماراتيين وفلسطينية، للتحقيق معهم بتهمة التحريض وإثارة النعرات القبلية والسب والقذف عبر موقع تويتر”.. هذا مختصر الخبر الذي تضمن كثيرا من التفاصيل المنشورة في صحيفة “الاتحاد”، إلا أنه خبر يحتاج إلى تأمل وتوقف أمام التهم المنسوبة من جهة، والموقع الذي حدث عبره تلك التجاوزات من جهة أخرى. في السابق، كانت المنتديات هي ساحات النقاش، وأتى فيما بعد موقع الفيسبوك، إلا أنها جميعا تحتوي على أيقونات تحكم، إذ أن خاصية الحذف أو التعديل متوفرة لدى إدارة المنتديات، وأصحاب صفحات الفيسبوك، مع عالم تويتر دخلنا مرحلة -اللا تحكم- ولا رقيب فيه سوى الله -عز وجل- وتربية الشخص سواء يكتب باسمه الحقيقي أو باسم مستعار. أيضا هذا العالم الجديد كسر حاجز الخوف والرهبة، إذ ما كان يُقال تحت أسماء مستعارة صار يُكتب بالأسماء الحقيقية، لاسيما أن ثورة تويتر أتت متزامنة مع ربيع الثورات العربية، التي كان لها دور كبير ومباشر في كسر التابوهات لدى الإنسان العربي، فمن كان يُصدق تلك الجرأة التي انتفضت في وجه ظلم وجبروت النظام الأسدي؟ وهذا يقابله ثورة وجرأة من النشطاء السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، وكلنا يعلم أن قبل هذا لم يكن هناك من يُفكر في كتابة كلمة نقدية واحدة ضد هذا النظام الظالم، مع العلم أن موقع الفيسبوك حسب ما أذكر كان محجوبا في سوريا منذ سنوات، لذا كان ظهورهم قليلا، عدا من يعيشون خارج نطاق الحدود، وعلى الرغم من هذا، ومن كونهم خارج سوريا إلا أنه كان من الصعب عليهم كتابة كلمة نقد واحدة، لأن من يفعل هذا فإن أهله وأقاربه وكل من يمت له بصلة من قريب أو بعيد، سيدفع الثمن وسينقض شبيحة الأسد عليهم وسيكون مصيرهم “مفقودا” بما في ذلك الأطفال! حديثي عن الحالة السورية، والتغيرات الحالية هو مجرد مثال، لاستيضاح الأوضاع التي بتنا نعيشها بعد ثورة تويتر، حيث صارت معظم الأخبار التي تتواتر بين الناس في محيطهم الأسري أو العملي مصدرها تويتر، وكل ما يحدث من تجاوزات على الذات الإلهية، أو رسولنا عليه السلام، أو على الأشخاص سواء مشاهير أو عاديين فإنها تحدث في تويتر! إن هذا يفتح المجال لكثير من الأسئلة، وكذلك الخبر الآتي من أبوظبي يفتح علامات الاستفهام إن كان لدينا “قانون” يتحاكم عليه الناس في حال حدوث تجاوزات، وإن كان هناك قانون أو قوانين فهل تم تفعيلها فعلا، وهل لها آلية معينة بحيث يعرف الشخص الجهة التي يتجه إليها والمستندات التي يُفترض أن يحملها لإثبات التهم، حتى لا ندخل في دائرة الشكاوى الكيدية؟ لأن ما أراه عبر تويتر برغم أنني أُعتبر حديثة عهد بهذا الموقع إذ لم يتجاوز عمر تواجدي به ستة أشهر، فإنه ثورة تحمل وجوه إيجابية كثيرة في عالم المعرفة والتواصل وسرعة المعلومة وانتشارها، وبرغم أن السلبيات هي الأقل، لأن الأصل في الإنسان هو “الخير” مع ذلك فإن “الشر” ينتشر ويتطاير في تويتر تحديدا، وإذا ما نظرنا إلى مركز تكاثر السلبيات فإنها وللأسف بين المستخدمين السعوديين، وبما أن هذه الفئة أمنت العقوبة فإنها تتمادى في الاستخدام السلبي وإيذاء الآخرين وصار لهم تويتر مركزا لنشر الكذب والشائعات! في عالم الثورات الاتصالية، نجد أن السباق أكبر من الفكر السائد والنظرة القاصرة للتقنية، فهل سيكون لدينا القدرة على مواجهة هذه الثورات الاتصالية المرعبة؟ فعلا لا أقول سوى أن الزمن والتطور أكبر من أن يستوعبه فئات من المجتمع، كما أن التساهل جعل التقنيات مرتعًا خصبا لعديمي التربية! لذا، سأتابع قضية الإماراتيين الثلاثة، ورابعتهم الفلسطينية، لأتعرف أكثر على العقوبات والملاحقات القضائية ولو من بعيد!