روح المسؤولية تفرض على الإنسان أياً كان دينه، أو جنسه، أو لغته، أن تتوقف حريته عند حد عدم التعدي على حرية الآخرين. ومن أهم وأخطر الحريات التي يتم التعدي عليها هي جرح مشاعر أي إنسان في دينه أو رموزه الدينية، أو حتى في مذهبه وطائفته، لأن الاختلاف هو سنة الحياة، والله -سبحانه وتعالى- كان قادراً أن يخلقنا متشابهين، إلا أن حكمته في هذا الاختلاف لسن مفهوم التعايش الإنساني القائم على احترام الآخر، مع بقاء كل طرف داخل حدوده التي حددت التنظيم الجغرافي لهذا العالم، تماماً هو التنظيم الديني والطائفي والفكري. وفي حال حدث أي خلل أو تعدٍّ فإن لغة الحوار التي هي ميزة إنسانية جديرة بإيقاف أي تعديات، وحينما تعجز هذه اللغة عن حل الإشكاليات الناتجة عن أي تعديات، فإن هناك قوانين تشريعية تُعاقب المعتدي وتعيده إلى حدوده، كما يحدث في تنظيم الحدود بين الدول، والإجراءات التي تتم في حال تعدت دولة على حدود دولة أخرى، وهذا التنظيم الجغرافي وضع وسائل وحلول لإيقاف هذه التعديات، قبل أن يتم تدخل عسكري أو حروب. هذا كله مأخوذ عن طبيعية تنظيمية ربانية في خلق الكون وتنظيمه المحكم، ومرور كُل في فلكه دون أن يتعدى على مجرات الآخر. هذه المقدمة تعود بي إلى حوارات الأديان والمؤتمرات التي عُقدت من أجل إيجاد لغة مشتركة، لإشاعة ثقافة التسامح بعيداً عن التعصب والفرقة، التي لا تؤدي إلا لجرح المشاعر الدينية للإنسان أياً كان دينه، وهذا لا يخص المسلمين وحدهم، إذ لا يمكن قبوله في أي مجتمع إنساني، وفي حكاية ليست ببعيدة في الهند حينما تم نشر صورة مسيئة للمسيح -عليه السلام- فتحرك الأساقفة باتجاه الحكومة التي استجابت لمطالبهم وسحبت الكتب التي تضمنت هذه الصور وعاقبت الناشر. أما نحن المسلمين، فقد عانينا من جرح مشاعرنا الدينية، ولا زلنا نتجرع مرارة الألم جراء تلك الرسوم المسيئة التي تطاولت على رمز الدين الإسلامي، وهو رسولنا وحبيبنا محمد -عليه السلام- ومع تلك المؤتمرات التي أتت تحت مظلة الأممالمتحدة، والمتابع لكثير من تلك النقاشات سيجد أن محور اختلاف الثقافات، بحسب ما دار في تلك المؤتمرات هو ما يوقع -البعض- في الخطأ والتعدي، وربما يكون هذا في بعض الأحيان دون قصد، إضافة إلى اختلاف مفهوم الحرية. وشخصياً أرى أن هذا عذر يجيز التعدي إلا أنه غير مقبول، لذا كان من المنتظر حسب وعود الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، منذ عام 2008 تنفيذ تعهداته بدعمه الكامل لهذه المبادرات. الأكثر إيلاماً، إن كانت التعديات والإساءات تحدث بسبب اختلاف الثقافات والمفاهيم المختلفة لهذه الرؤى، أن تحدث التعديات وتبلغ الإساءة حدها من أحد الأشخاص المنتمين لنفس البيئة، ممن يدرك حجم مسؤولية التعدي ونتائجها على أبناء بيئته. وهذا ما حدث على موقع «تويتر» عندما قام أحد الأشخاص الذي اسمع باسمه لأول مرة، رغم أن البعض قال عنه إنه كاتب في إحدى الصحف، وما علمت بصراحة أن لي زميلا لا يملك الحد الأدنى من المسؤولية. إذ قام بالتعدي على أصحاب الديانات الموحدة بالتشكيك في وجود الله، ثم قام بالإساءة لرمز الإسلام، حبيبنا محمد -عليه السلام- وحينما أطلعت على صفحة ذلك «الفتى» وجدته لا يفقه ما يقول، بل مجرد طفل لم يكتمل نضج وجهه، يعتقد أن هذه اللغة العدائية هي التي ستوصله إلى مرتبة الفلاسفة، وهنا وجدت أن بعض الأطفال يعتقد أن ولوجه إلى عالم الثقافة والمثقفين، يكون بهذه الطريقة، وفي الحقيقة، ما هذا إلا قلة وعي، كما ساعده ومن مثله فتح الزوايا على مصراعيها لكل صاحب بضاعة، دون النظر إلى مضمونها، مع إغفال أن الصحافة التي تدور رحى مطابعها كل يوم، هي لهدف ورسالة وأمانة. قبل أن أختم، يجول بخاطري تنظيم مواقع التواصل الاجتماعي، وسن قانون يتم العمل به كمكان عام يُحاسب الشخص فيه على أي تجاوزات، هذا يحتاج إلى تفصيل أكثر، أعدكم به قريبا بإذن الله.