فيصل سعد الجهني - المدينة السعودية (1) ..لا يهمك أمرهم ياصالح الشيحي,فهذا رأيك قد صدحت به عاليا, والمشهد- في حقيقته-ليس جديداً علينا,وليس غريباً على مجالسنا ومنتدياتنا, لا تعبأ بهم,فلست(جاك دريدا)لنقف معك-بوعي- على كل كلمة تنطق بالتقويض..ولست(تودوروف)لندهش معك بالبنية والنظام والدلالة,ولست(تشومسكي)لننبهر معك بحيادية المعرفة وعلوم اللسانيات..ولست(إدوارد سعيد)لنعجب معك بتراكمات المعرفة ووهج النضال..لست(معرفيا) ياصالح الشيحي ,لنتعبك بأحكام(المعرفة)!ولم نعرف عنك انتماء لعلم أو فن,حتى نقف معك على أرض واحدة للحوار..كما أنك لست محسوبا على أحد أجناس الثقافة لنصعد معك سويا إلى منصات مشرعة للشعر والرواية والقصة والمسرح والنقد..انت ياصالح الشيحي رجل شمالي(طيب)من الرجال الذين يدلقون على صباحاتنا انفعالاتهم فنتعاطف!ويسكبون على مساءاتنا صراخ حواسهم فنطبطب على أجسادهم نواسي ونستجيب ونحزن! ..لا عليك ياصالح الشيحي..فالكلمات التي تندلق من شفتيك لاتمر على العقل فنغضب,ولا تنطلق من الوعي فنثأر! قل ياصالح ماتريد!فالفضاء المتسع-فراغا-أمامك سيحمل نداءاتك إلى السديم..! (2) الله عليك..يافايز المالكي وأنت تسارع الخطى نحو(الحضور)لتعلن وفاة المسرح والفنون..!لله ماأنبلك وأنت تعزينا بذلك الموات..عندما تقف ذات ليلة ثقافية مقابل(فهد ردة الحارثي) المسرحي العتيد,الذي أنطق كائنات الصمت,وجعل له كل أرض-ترتفع- مسرحا تقام عليه التراتيل,وتنشد فيه الأغنيات...(بسم الله عليك) يافايز المالكي..فربما كان الذي أمامك(سامقا)...يجمع رفاقه بين بساتين الطائف للمضي سويا صوب المقهى العريق الذي تصاغ فيه الخطوات الأولى لعمل مسرحي جديد, يفعل ذلك ببهاء,وأنت لم تولد بعد!! ولكن هل أنت الذي تعزينا بموت المسرح والسينما والفنون,أو نحن الذين نبادرك العزاء في موت الفنون على يد الذين انتهكوا جلال الفن الخالص ! (3) أما عن الذين بعثوا لي برسائل ملحة وموجعة من مواطنين في مدينة جدة,يسكنون حي (الحمدانية) شمال شرق الخط السريع,وما يجاوره من(اثني عشر)حيا,ينتظرون أن يلتفت لنداءاتهم(أحد),وهم يقاسون الوجع عندما يريدون الدخول-في كل مرة-لأحيائهم, في حال قدومهم من وسط المدينة عبر طريق(المدينة)العريق,إذ يتحتم عليهم الاتجاه شرقا حتى يكونوا على مشارف(عسفان),ثم ينحرفوا جنوبا للمروق إلى أحيائهم من الأمداء البعيدة البعيدة!..أو يتجهون جنوبا حتى يصلوا إلى (كوبري المطار) ثم يعودوا شمالا-في الاتجاه المعاكس- بمسافة لاتقل عن 80كم ذهابا وإيابا.. أقول لهؤلاء..ولماذا تخرجون(أصلا)من أحيائكم, وبها (يتوفر) كل مايخطر على بالكم..مدارس..مستشفيات..حدائق.. منتزهات..مراكز ثقافية ومكتبات عامة؟!..أثمة(أحد) يجد حوله كل تلك(الخدمات) ويخرج!أما لو ارتكب حماقة(الخروج)فليتحمل معاناة(الدخول)..ثم ربما أن باحثين عن المعرفة يريدون أن يدخلوكم موسوعة جينس( كأقدر البشر) على التحمل بصبر وجلد..أو أن رواة للسرد يترقبون ملامح وجوهكم كل صباح ومساء,وأنتم تلتفون حول بيوتكم من كافة الاتجاهات من غير ان تتمكنوا من الولوج إليها إلا عبر مشارف مدن وقرى أخرى,ليكتبوا عن حالة امتهان واحساس بالعجز وقلة الحيلة ترتسم على وجوهكم البائسة!!ربما يسجلكم التاريخ الأدبي كبؤساء جدد غير بؤساء فكتور هيجو الراحلين!! ..ثم من يدري فلعل المعنيين بالأمر يرمون إلى غاية نبيلة وأنتم لاتدرون..يمكن أنهم(أرادوا) توثيق علاقتكم بمساكنكم وإثبات قيمتها المادية والمعنوية(في نفوسكم),وأنتم لاتصلون إليها إلا بشق الأنفس..فمن»يخطب الحسناء لم يغلها المهر»!!أو ربما تمثلون نماذج رفيعة من التضحية والفداء,عندما ينتهي قطار الحرمين قريبا,ويصل به الحجاج والمعتمرون من المدينةالمنورة إلى مكة الكرمة,قبل أن تصلوا أنتم إلى بيوتكم!أي قيمة مدهشة لذلك القطار الذين تشرفتم بمجاورته,وهو يمر ببيوتكم على الدوام وأنتم لاتستطيعون!!ألا يحفزكم ذلك على إيقاد شعلة عقولكم فتفكروا مثلا-إذا أردتم أن تعودوا إلى بيوتكم- أن تتعلقوا بمركبات القطار لتتجهوا معه إلى المدينةالمنورة,ثم عندما يعود في اتجاه مكةالمكرمة,تجعلوا لكم راية في مواجهة أحيائكم تقيمون حولها قالبا مطاطيا متسعا,يمكنكم ان تقفزوا عليه بأمان لحظة مرور القطار أمام رايتكم الخفاقة بالألم والسخرية والوجع...ياله من وجع!! (4) ..عندما تسكن بك الأرض..اصنع لك جناحين لتطير!!