يبدو أن سفير الرياض في عاصمة الضباب الأمير محمد بن نواف، سيكون ليله طويلا جدا مع صحيفة ""الإندبندنت"" اللندنية، فرسالته الموجهة للصحيفة أخيرا، بشأن عدم مهنية تعاطيها مع أحداث العوامية، لا أتوقع أن تكون الأخيرة، كما أنها ليست الأولى بالطبع، فهذه الصحيفة المعروفة برصانتها ومهنيتها العالية، تصر على التخلي عن كل معاييرها، فقط عندما يأتي الحديث عن السعودية وبعض دول الخليج. أحداث العوامية بتفاصيلها المرئية كانت منشورة على مواقع اليوتيوب، وطريقة تعاطي الأمن السعودي الحكيمة مع الإرهابيين الذين أطلقوا النار على مركز للشرطة، لا تحتاج لمن يزايد عليها، وكان بإمكان مراسلي الصحيفة اللندنية، وعلى رأسهم كبيرهم روبرت فيسك، مشاهدة تلك المقاطع التي تبين تفاصيل ما حدث، غير أن عنوان الصحيفة كان للأسف مغايرا لما حدث، فقد أتى التقرير، الذي أعده مراسل الصحيفة من مكتبه في لندن، تحت عنوان ""الشرطة تفتح النار على متظاهرين مدنيين""، وهو سيناريو لم يحصل إلا في خيال كاتب التقرير. فيا للمهنية العالية التي تتبعها الصحيفة الرصينة! لست في حاجة للتذكير بالادعاءات التي سبق أن قامت الصحيفة في وقت سابق من العام الحالي بنشرها، بأن أوامر صدرت لقادة الشرطة في السعودية بإطلاق النار وقتل المتظاهرين العزل، قبل أن تعترف الصحيفة في وقتها بعدم صحة هذه المزاعم وقبلت بحكم المحكمة المختصة في هذه القضية، واعتذرت، ومع هذا فإن الصحيفة تصر على إطلاق الكذبة تلو الأخرى، دون مبرر يمكن أن يفهم، لا مهنيا ولا حتى أخلاقيا. لست من مؤيدي نظرية المؤامرة، ولست أيضا من محبذي فكرة أن هناك من يكرهنا وغير ذلك من هذا الحديث الإنشائي، لكني أظن أن الصحيفة ومراسليها لديهم رأي مغلوط عن السعودية، ويريدون تثبيته بأي صورة كانت، حتى لو كان بطريقة غير موضوعية تماما، إضافة إلى المعلومات الخاطئة التي يحملها فريق الصحيفة عن المنطقة بشكل عام، ويحضرني هنا حديث تم بيني وبين صحافية بريطانية تعمل في ""الإندبندنت""، على هامش تسجيل أحد البرامج في لندن. الصحافية المحترمة لم تزر منطقة الخليج بتاتا، لكنها كانت تصر على أن البحرين محتلة من قبل السعودية، وأن الجيش السعودي مسيطر على الوزارات والمنشآت الحكومية في العاصمة المنامة، وأن السجون السعودية ممتلئة بالمعارضين البحرينيين! ولا يملك المرء هنا غير أن يقول: سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. الغريب هنا أن ""الإندبندنت"" وحدها من أخرج هذا السيناريو القبيح عن أحداث العوامية، بينما كانت بقية الصحف البريطانية تغطي الحدث كما هو تقريبا، صحيح أن بعض المقالات جنحت لرؤى مختلفة، لكن هذا مفهوم في العمل الصحافي، أما باقي التقارير التي نشرت، وكذلك التي بثت في محطات التلفزة البريطانية فقد التزمت الحيادية، وربما هذا هو أفضل رد على عدم موضوعية الصحيفة اللندنية الشهيرة، التي لا تتخلى عن رصانتها ومهنيتها إلا مع أحداث السعودية فقط لا غير!