حلم جميل عاش في عقول وأرواح أجيال عربية منذ 1948، حلم استعادة الأرض العربية والمقدسات الدينية في فلسطين، لو تحقق هذا الحلم سنعيش الفرحة الكبرى ولا يوازي هذه الفرحة سوى فرحة العرب بسقوط نظام البعث في سورية. مستفزة هذه المقارنة بالنسبة لشريحة «الهتيفة» العرب الذين لا يتصورون حياتهم من دون شعارات وبطولات وهمية صنعها إعلام الرمز المقدس والقائد الملهم. هذه حقيقة بالنسبة لنا في الخليج على الأقل وبكل صراحة، لأننا عانينا بصمت من خبث هذا النظام الذي عمل ضد مصالحنا طوال الأربعين عاما الماضية وخصوصا في عهد الوريث غير الشرعي بشار، ولأكون منصفا كان ضرر الأب أخف من المصائب التي خلقها الابن، على الأقل كان الأب «حافظ» يحفظ الجميل ويجيد التحدث بلغة السياسة ولو بلهجة «المكر»، لكن الابن يعرف بضع كلمات فقط من هذه اللغة ينطقها بلهجة «الإجرام». لا يعرف كثير من الناس أن جميع أشكال الفساد والإفساد صدرها هذا النظام إلى دولنا، وأن سورية في ظل النظام البعثي هي بوابة الجرائم والمخدرات، وأن مخابرات هذا النظام صنعت وجها قبيحا للإرهاب ودعمته، وأن جميع الجرائم التي ارتكبت في دول محيطة وجند فيها خليجيون كانت تحاك خيوطها في دمشق. قد تكون معلومة صادمة أن التطرف الديني كانت وما زالت مخابرات الأسد تطوعه ليخدمها في إحداث القلاقل واستخدمته ليكون وسيلة من وسائل الضغط السياسي، كما أنها عملت هذه المخابرات على تبني المعارضين السياسيين للمملكة في الخارج وقدمت لهم الدعم من أجل تحقيق غايات سورية إيرانية مشتركة، ومع أن هذه المعلومة صحفية ولم يؤكدها أي مصدر رسمي إلا أنها قابلة للتصديق في ظل ما نشاهده من وقوف مزعج لسورية في وجه المصالح السعودية، رغم الدعم الكبير الذي قدمته المملكة لسورية في أحلك الظروف. ويتضح لنا هذه الأيام وبعد قرار العرب تجميد التمثيل السوري في اجتماعات الجامعة، وبعد التصريحات البذيئة لرموز هذا النظام وممثليه، أن الإرهاب السوري سيتحول إلى الخارج ولو كان إرهابا لفظيا في البداية إلا أن اتخاذ الحذر واجب، كما يجب أخذ الممارسات الإجرامية للنظام وشبيحته بعين الاعتبار، خصوصا بعد الاعتداء السافر على سفارة المملكة في دمشق، فلا وسيلة أمام النظام الساقط سوى إخافة الآخرين وإرهابهم، ولكن الصوت العالي والصراخ المؤذي لن يزعج أحدا سواهم، ولن يسمع العرب إلا أصوات ضحايا العنف من أبناء سورية الأبرياء. يمكن الجزم بأن المنطقة العربية ستكون أكثر أمنا بسقوط هذا النظام، وسترتاح الأمة العربية الواحدة من رسالة العبث والإجرام التي أراد لها النظام أن تكون خالدة، لكنها ستموت، تلك الرسالة الفاسدة وستداس بالأقدام، التي اشتاقت للأرض العربية في الجولان ولمستوطنات إسرائيل التي ترعاها عين النظام الساقط.