لو حصرنا أكثر المواقف طرافة في السعودية خلال العام الميلادي الحالي، لوجدنا كمية هائلة يصعب حصرها في مقال واحد، لكن من المفيد التذكير بأبرزها، فقد جاءت هدية حزمتي نعناع للسيدة الفاضلة التي قبضت عليها الهيئة بلا وجه حق على قمتها وأكثرها طرافة. تلك المواقف والتصريحات الطريفة ضل بعضها حبيس محيطنا المحلي وبعضها قفز للعالمية مثيراً للجدل والضحك في الوقت نفسه، لكن القاسم المشترك في معظم من فعلها وأطلقها هو حسن النية أحياناً، وحب الأضواء أحياناً أخرى. ويتلوها مباشرة على تلك القائمة في وجهة نظري، الجائزة القيمة والبالغة مائة ألف دولار، التي وضعها الداعية عوض القرني لكل من يأسر جندي إسرائيلي، وعلى رغم ألمعية الجائزة وقدرتها على منافسة المسابقات الفضائية في القنوات العربية، إلا أنها ويا للأسف لا تراعي ظروف الوضع الفلسطيني الحالي، فالفلسطينيون وبحسب فقه الجهاد اقدر على معرفة الظرف الدولي والإقليمي المواتي لعملية خطيرة من هذا النوع، حتى تكون نتائجها قادرة على خدمة القضية الفلسطينية، بدلاً من إلحاق الأذى بها بسبب تصريحات وبالونات إعلامية همها حشد الضوء حول قائلها فقط، والخشية كل الخشية ليست من الفصائل التي تتفوق على الشيخ عوض القرني في معرفة الوقت الزمان والمكان المناسبين، ولن يغريها كم ألف دولار، بل الخوف من مجموعة من المتحمسين الذين قد يقودهم الإغراء بالمال لجر قضيتهم نحو مأزق كبير. ولأن الابتعاث هو أعظم مشاريع السعودية في السنوات العشر الماضية، فهو كغيره لحقه ما لحقه من تصريحات وطرف لا تنتهي، كان أبرزها تصريحات الشيخ الواعظ حسن القعود الذي اتهم أكثر من ثمانين في المئة من المبتعثين السعوديين في بريطانيا بأنهم يتعاطون الخمر، هو التصريح الذي أساء كثيراً للمبتعثين وعائلاتهم مما اضطره للاعتذار لاحقاً عن تلك التصريحات. هذا التصريح الطريف ليس يتيماً فالباحثون عن الأضواء يتنافسون حتى في نفس المساحات الضيقة، فما كاد التصريح يُنسى حتى انبرى له مرة أخرى الدكتور علي العمري رئيس منظمة فور شباب، أن 90 في المئة مشيراً إلى أن من الشباب المبتعثين يعيشون حالات انحراف وهذا الانحراف نسبي، وأضاف الانحراف ممكن يصل إلى المخدرات أو الخمور أو الإلحاد، «بحسب وصفه الطريف». كما يأتي طرد أمين منطقة عسير إبراهيم الخليل لأحد المواطنين بحجة تكرار كلامه ليؤكد أن العلاقة بين بعض المسؤولين التكنوقراط والمواطنين لا تخلو من الطرافة، فالمواطن بحسن نية كرر كلامه سبع مرات بحسب البيان الصحفي الصادر عن معالي الأمين، وهو ما ثار لديه حس الطرافة فقام بطرد المواطن بعد الاتكال على الله. ولأن معضلة السكن هي مشكلة المشكلات، فما كاد المواطنون يفرحون بتسريع وتيرة التمويل، وإلغاء اشتراط الأرض، حتى صدمهم الصندوق بطرفة من العيار الثقيل، فهو قرر إلغاء تمويل من يتملك سكن بعد تقديم أوراقه وقبل أن يتم إبلاغه بشروطه، ويبدو أن سعادة الصندوق الموقر، ليس لديه سياسة واضحة فهو يبني قراراته بناء على ردود الفعل، فالإلغاء جاء نتيجة كثرة الطلبات، والشرط جاء لاحقاً وليس سابقاً وهي في نظري «طرفة غير مسبوقة»، ليصبح المواطن تائهاً فالشروط قبل التسهيل، أسهل منها بعد التسهيل.