جهير بنت عبدالله المساعد - عكاظ السعودية «مباشر»، «حصري»، «بدون مونتاج»، «الحقيقة» وهلم جرا.. كلها مفردات دعائية... استخدمتها بعض القنوات الفضائية لجذب المشاهدين في الأرض! وهي نفس البرامج... والشعارات التي تدعي محاسبة المزورين والأفاقين والمريدين شرا والساعين فسادا بين الناس، ثم لا تلتفت إلى نفسها كي ترى أنها أخطر من كل أولئك الذين تدعي محاربتهم وتشن هجماتها عليهم! لقد فتحت القنوات الفضائية المجال واسعا لكل من تأبط شرا كي يخرج إلى الناس ويبث سمومه أو فجوره وظهر علينا في هذه الأيام العربية الحرجة المذيعون المسيسون الذين يريدون اللهب أكثر اشتعالا ويصبون على النار البنزين! ويشعلون المزيد من الحرائق الداخية تحت شعار الإصلاح الذي أصبح فضفاضا واسعا.. كل من أراد خرابا تلبس زي الإصلاح وقال عن نفسه إني من المصلحين! وما أكثر المصلحين في هذا الزمن التعيس، وكل منهم يغني على ليلاه! وصار التنافس على أشده بين القنوات الفضائية العربية والمعربة في جذب المشاهدين الأبرياء بالحق الذي يريد باطلا.. ولم يسأل سائل السؤال التلقائي لماذا لا يحدث مثل هذا الادعاء الفضائي سوى عند العرب؟!!... لماذا نسمع دائما عن مقولة الأصابع الأجنبية والدسائس الخارجية... فقط عند العالم العربي ولماذا تنجح هذه الدسائس مع العرب فقط لماذا هم جاهزون على الدوام كي تعزف الأصابع الأجنبية نشازها على أوتارها العربية المشدودة؟! إن غالبية المصلحين والمتلبسين دور الإصلاح الأرضي هم من المفسدين الذين انتهزوا الفرصة وتبوأوا الشاشات التلفزيونية... يمارسون منهجهم في التثوير والتخريب بحثا عن لمعان على حساب الجماهير المتعطشة للحرية المسؤولة وهي غير الحرية المفلوتة!! يبحثون عن دور بطولة في معركة لم يصنعوها ولاهم جنودها إنما أرادوا من المشاركة في قطف الثمار إثبات وجودهم الطامح والمتطلع إلى مكان في الصدارة ولو كان ثمنه دماء الأبرياء! والأسوأ في ظاهرة الإصلاح الفضائي أن بعض المذيعين الفضائيين صاروا من المصلحين! يبتسمون للجماهير وهم يدسون السم في العسل! ويرشون السكر على كلام مسموم ظاهره شهي وطعمه مر علقم! يدفعون بالمشاهدين إلى حتفتهم وهم يغردون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية فيزيدون من عدد الجياع، ويضاعفون عدد القتلى الأبرياء! ويضرمون النار فلا إنتاج ولا عمل ولا مجال للقمة عيش نظيف!! أصبح العنف الفضائي بضاعة عربية خالصة يبيعها مذيعو الثورة الفضائية والطفرة العربية الراهنة المتعاطون فياجرا التحريض الفضائي فلا يتورعون عن التحرش بالناس كي تكره واقعها وتنحاز إلى فراش الدم تنام وتصبح عليه! العرب اليوم أمام عدو لم يحسبوا حسابه وهم عاشوا عمرهم يعتقدون أن إسرائيل والأجانب عدوهم الأوحد! يا للهول! إن العدو بات من النجوم العربية اللامعة التي تغذت على التثوير والهيجان وباتت لا ترى لها وجودا إذا الأرض هدأت واستقرت!! إن بعض المذيعين العرب المحرضين الذين لا يجدون صدا ولا ردا ولا جهات تحاسبهم هم حفارو القبور! وهم الذين يحولون المجتمعات العربية إلى مقابر لا ترى فيها غير الأموات!!!