يوسف المحيميد - الجزيرة السعودية في الرياض تنتشر حملات إعلانية لافتة ومكثفة، وهناك رغبة واضحة في تكرار نجاح الدورة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، أينما اتجهت تجد من يحرِّضك على التسجيل كناخب في دائرتك الانتخابية، إعلانات الشوارع، الإذاعات، القنوات الفضائية، رسائل الجوال وغيرها، تدعو المواطن إلى أن يقيد نفسه كي يختار من يرى فيه الكفاءة لأن يكون عضوًا في المجلس البلدي. صحيح أنها تأخرت عامين بهدف دراسة التجربة وتقييمها، وصحيح أنها جاءت بعد إقصاء المرأة من تسجيلها كناخبة، وحلمنا بأن تكون المرأة ناخبة هذه الدورة، ومرشحة في الدورة القادمة، إلا أن اعتياد استخدام إحدى وسائل تكريس الديمقراطية، وهي الانتخابات، هو المهم في الأمر كله، فإن يعتاد الشعب أن يحتكم إلى صناديق الاقتراع هو الثمرة المنتظرة، فحتى لو جاءت الدورة الأولى لصالح تيار دون آخر، أو استمالت النظام القبلي، إلا أن الاستمرار في انتظام الانتخابات في موعدها كل أربعة أعوام، سيجعل ثقافة التصويت تختلف، وتنظر إلى الأمر بمعيار الكفاءة، فالديمقراطية واستخدام إحدى وسائلها كالانتخابات، هو أمر مطلوب في كل أوجه الحياة، بدءًا من المجالس والأندية، وحتى الجامعات والمدارس في التعليم العام، فتعويد الطالب في مراحل الدراسة المختلفة على الاحتكام إلى الأصوات في ترشيح شخص عن آخر، سواء على مستوى الطلاب أنفسهم أو المدرسين. لاشك أن نجاح أي انتخابات في أي بلد هو كثافة أعداد الناخبين المقيدين فيه، بالتالي فإن رقم ثلاثمائة ألف ناخب جديد، هو رقم معقول نسبيًا، يضاف إلى الرقم السابق، ليكون لدينا أكثر من مليون ناخب، ولو تم اعتماد المرأة في التصويت على مرشحي الانتخابات البلدية لهذه الدورة، فسيختلف الأمر تمامًا في عدد المقيدين، لأن المرأة أثبتت اهتمامها بهذا الشأن الوطني، وشعورها بالمسؤولية عبر محاولاتها تسجيل اعتراضها على إقصائها في عدد من المراكز الانتخابية. ومن الطبيعي أن تحدث بعض التغييرات التي من شأنها تطوير نتائج الانتخابات، كأن لا يصوّت الناخب إلا لمرشح واحد بدلاً من اختيار مرشحين من جميع الدوائر الانتخابية، وهو أمر إيجابي جدًا، بدلاً من تنفيذ أجندات تيارات معينة، أو تكتلات قبلية مقيتة، وأظن أن تقييد استخدام شعارات قبلية في الحملات الانتخابية للمرشحين هو أمر مهم، حتى يكون الرهان على ماذا سيقدم المرشح للمجلس البلدي من منجزات تخدم المواطن. ولعل الأمر الأهم هنا، والذي يشغل ذهن الناخب قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع، هو حجم الصلاحيات الممنوحة لعضو المجلس البلدي، وهل ثمّة صلاحيات جديدة سيتميز بها عضو المجلس الجديد عن السابق؟ لأن حجم الصلاحيات ستمنح العضو فرصة التطوير، وبالتالي ثقة الناخب نفسه بالعضو وبالمجلس، ومن ثم بالانتخابات نفسها، وبجدواها، لذا أتمنى أن تسعى وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى البحث عن مزيد من الصلاحيات الممنوحة التي تجعل العضو قادرًا على التغيير في منطقته، وصناعة مستقبل البلاد، وتحقيق الأهداف التنموية التي ينتظرها المواطن