هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    الفريق البريطاني"Team Redline" يحرز اللقب الأول ضمن بطولات كأس العالم للرياضات الإلكترونية    البغض قيد في الروح وظلام في القلب    السعودية تواصل تميزها العالمي في تطبيق المبادئ الأخلاقية للذكاء الاصطناعي    أخضر الطائرة تحت 16 عاماً يبدأ مشواره الآسيوي بخسارة من الصين تايبيه    تهنئة كيريباتي بذكرى الاستقلال    رئيس الفيفا يؤكد حضور ترمب نهائي «مونديال الأندية»    الاتحاد يُعلن عن ضم هزازي    «سلمان للإغاثة» يوزّع (523) سلة غذائية في بيروت بلبنان    ضبط 37 متورطا في مساعدة المخالفين    أبرز مناطق ومصادر تكوُّن الغبار في المملكة        مقصورة السويلم تستضيف "راوية عقيل ومؤسسة متحف العقيلات"    أسبوع ثقافي سعودي في أوساكا    27 ألف زائر لبيت حائل    بوتين يحث إيران على قبول اتفاق نووي مع أمريكا يتضمن «صفر تخصيب»    القبض على هندي ومواطن لترويجهما «الإمفيتامين» في المدينة المنورة    موسكو تحذر واشنطن وسول وطوكيو من تشكيل تحالف أمني ضد كوريا الشمالية    "معهد الابتكار بجامعة أم القرى يستقبل طلاب "موهبة من مدارس الفلاح" في جولة علمية تعريفية"    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    "ختام ملتقى خريجي البلقان في تيرانا بتأكيد الشراكة التعليمية والثقافية مع الجامعات السعودية"    بيولي يتولى تدريب نادي فيورنتينا الإيطالي    تدريب طلاب موهبة على DNA في المختبرات بتجارب واقعية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن صالح الشثري    موسم جدة 2025 يطلق فعاليات الصيف    ضبط 10 مكاتب مخالفة في قطاع السفر والسياحة بالرياض    الاتفاق يستهل تدريباته بقياسات بدنية    مدرب القادسية يتحدث عن طموحاته    جامعة جازان تنمّي قدرات الطلبة الموهوبين في الذكاء الاصطناعي ضمن برنامج إثرائي وطني    إعلان نتائج التخصصات ذات الشروط الخاصة عبر منصة قبول    الأرصاد: عوالق ترابية في جازان والرؤية الأفقية تتدنى إلى 1 كم    اكتشاف أربعة أنواع فرعية من التوحد مرتبطة بمتغيرات جينية وسمات متقاربة    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة نوفو نورديسك وجمعية القلب السعودية لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية في المملكة العربية السعودية    تايلاند تسجّل 40 إصابة بجدري القرود    رياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق وأمطار رعدية على جازان وعسير والباحة    المركزي الروسي يخفض أسعار صرف الدولار واليورو ويرفع اليوان أمام الروبل    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    دعوة مليون مواطن ومواطنة للتسجيل في برنامج متخصص لتعليم الذكاء الاصطناعي    وزيرا خارجية أستراليا والصين يبحثان العلاقات الثنائية    "الشؤون الإسلامية" تُكمل فرش جامع الملك فهد في سراييفو    مشاري بن جلاله عريساً    خطيب المسجد النبوي: الإخلاص لله واتباع سنة نبيه أصلان لا يصح الإيمان إلا بهما    خطيب المسجد الحرام: التوبة والرحمة بالمذنبين من كمال الإيمان والغلو في الإنكار مزلق خطير    48 ألف عينة بيولوجية في مختبرات وقاية    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى التعايش
نشر في أنباؤكم يوم 08 - 09 - 2010

حين الحديث عن التعايش بين مكونات وتعبيرات المجتمع والوطن الواحد ، فإننا حقيقة نتحدث عن قيمتين أساسيتين وهما قيمة الاختلاف وقيمة المساواة ..
فينبغي أن نعترف بحقنا جميعا بالاختلاف ، وهذا الاعتراف ينبغي أن لا يقود إلى التحاجز وبناء الكانتونات الاجتماعية المنعزلة عن بعضها ، كما أنه ينبغي أن لا يقود إلى التعدي على الحقوق ..
فالتعايش هو حصيلة بناء علاقة إيجابية بين حق الاختلاف وضرورة المساواة .. وأي خلل في هذه المعادلة ، يضر بحقيقة التعايش في أي مجتمع ووطن ..
ومفهوم التعايش بطبيعته ومضمونه ، لا يلغي التنافس أو الخلافات بين المكونات والتعبيرات والأطياف ، وإنما يحدد وسائلها ، ويضبط متوالياتها .. فالتعايش لا يساوي السكون والرتابة ، وإنما يثبت الوسائل الإيجابية والسلمية لعملية التنافس والاختلاف ، ويرفض الوسائل العنيفة بكل مستوياتها لفض النزاعات أو إدارة الاختلافات والتباينات..
كما أن مفهوم التعايش ، لا يرذل الاختلافات والتباينات بكل مستوياتها ، وإنما يعتبرها حالة طبيعية وجزءا أساسيا من الوجود الإنساني ، ولكنه يرفض أن تتحول عناوين الاختلاف والتباين لوسيلة لامتهان كرامة المختلف أو التعدي على حقوقه الخاصة والعامة. فالتعايش كمفهوم وممارسة ، لا يشرع بأي نحو من الأنحاء ،لأي طرف مهما كان الاختلاف والتباين ، إلى بالتعدي على الحقوق أو تجاوز الأصول والثوابت في التعامل مع المختلف وفق ضوابط العدالة والمناقبية الأخلاقية .. لذلك يقول تبارك وتعالى في محكم كتابه (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)..
لذلك فإن خلق معادلة متوازنة وحيوية بين مفهوميْ الاختلاف والمساواة ، هو جذر التعايش وجوهره النوعي .. فالاختلاف لا يقود إلى الظلم والافتئات ، بل يؤكد قيم العدالة والمساواة.
وإذا تحققت هذه المعادلة ، تحقق مفهوم التعايش في الفضاء الاجتماعي والوطني .. وبدون هذه القيم والحقائق لا ينجز مفهوم التعايش في أي مجتمع وفضاء إنساني..
ووفق هذه الرؤية فإن التعايش ، لا يساوي أن يتنازل أحد عن ثوابته ومقدساته ، وإنما يساوي الالتزام بكل مقتضيات الاحترام والعدالة لقناعات الطرف الآخر ، بصرف النظر عن موقفك الحقيقي أو العقدي منها..
وهذه ليست حفلة تكاذب أو نفاق ، كما يحلو للبعض أن يطلق عليها ، بل هي جهد إنساني متواصل لتدوير الزوايا ومنع تأثير العوامل السلبية ، التي توتر العلاقات بين المختلفين أو تعيدها إلى المربع الأول ..
فالتعايش لا يقتضي الانشقاق أو التفلت من الثوابت أو الأصول لدى الأطراف ، وإنما يقتضي الإصرار على خيار التفاهم وتوسيع المشترك وإدارة نقاط التباين وموضوعات الاختلاف بعقلية حضارية ، توفر للجميع حق التعبير عن قناعاتها ووجهة نظرها ، بعيدا عن الإساءة إلى الطرف أو الأطراف الأخرى ..
وعليه فإننا نعتقد وبعمق أن خيار التعايش بين مختلف الأطياف والمكونات ، التي يتشكل منها المجتمع والوطن الواحد ، هو من الضرورات الدينية والأخلاقية والوطنية ،لأنه السبيل لضمان حقوق الجميع بدون تعدّ وافتئات ، كما أنه الإمكانية الوحيدة وفق كل الظروف والمعطيات لصيانة الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي والوطني .. ومن يبحث عن الحقائق الأخيرة بعيدا عن مفهوم التعايش ومقتضياته ، فإنه يساهم في تأسيس بذور الكثير من الأزمات والكوارث الاجتماعية والسياسية .. فالمجتمعات المتعددة والتي تحتضن تنوعات عمودية وأفقية إذا صح التعبير ، بحاجة إلى جهد لإدارة هذه التنوعات بعيدا عن إحن الماضي أو هواجس الخصوم..
فالاستقرار العميق في كل الأوطان والمجتمعات ، هو وليد شرعي لحقائق التعايش ومتطلباته حينما تسود المجتمع بكل فئاته وشرائحه وأطيافه ..
وعليه فإن صناع الوعي والمعرفة والكلمة في مجتمعنا ، يتحملون مسؤولية عظيمة في هذا الصدد .. فهم معنيون راهنا ومستقبلا ، بصناعة المعرفة التي تؤكد خيار التعايش ، وتعمق أواصر التفاهم بين مختلف الأطياف .. وهذا لا يتأتى إلا باشتراكهم الفعال في محاربة كل الأفكار التي تزرع الشقاق والأحقاد بين أبناء المجتمع والوطن الواحد ..
لهذا فإن خطابات التحريض والتشدد والغلو ضد المختلف في الدائرة الوطنية والاجتماعية ، لا تبني تعايشا، ولا تحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي ، لأنها وببساطة شديدة ، تؤدي إلى خلق الحواجز النفسية والاجتماعية ضد المختلف ، كما تساهم في إذكاء أوار التوتر والصدام .. لهذا فإن الحديث عن التعايش ، أو بالأحرى تبني هذا المفهوم وهذه المقولة ، يقتضي الوقوف بحزم ضد كل مقولات التعصب والغلو والتشدد ضد المختلف ..لأن الآثار الخاصة والعامة المترتبة على نزعة التعصب والغلو ، كلها آثار مناقضة ومهددة إلى أسس وحقائق التعايش في الفضاء الاجتماعي..
لهذا فإن الصمت إزاء نهج التعصب والمقولات التحريضية ، يعد مساهمة مباشرة وغير مباشرة في إفشال نهج التعايش في المجتمع والوطن ..
وعليه فإننا نعتقد وبعمق أن التعايش هو وليد منظومة مفاهيمية واجتماعية وثقافية متكاملة .. وإن من يتبنى نهج التعايش عليه أن يضع منظومة فكرية واجتماعية متكاملة ، حتى يكون سلوكه وكل مواقفه منسجمة ومقتضيات التعايش ، وحتى يتمكن من موقع الأنموذج والقدوة للتبشير بهذا الخيار ، ودعوة أبناء المجتمع إلى تبني هذا النهج كنهج يحفظ حقوق الجميع ، ويصون استقرارهم ، ويحافظ على مكتسباتهم .. ومن الضروري أن ندرك جميعا أن نقص أو ضمور حقائق التعايش في أي مجتمع وتجربة وطنية ، يساهم في تقويض مشروعات التنمية البشرية ، ويزيد من الفجوات العمودية والأفقية بين مختلف التكوينات الاجتماعية مما يجعل الأرضية الوطنية مهيأة للكثير من الانقسامات و التشظيات ..
وبمقدار ما نتمسك بقيمة المواطنة كوعاء حاضن لنا جميعا بذات القدر نعيد صياغة علاقتنا بانتماءاتنا الخاصة .. فالمواطنة بكل حمولتها القانونية والحقوقية ، هي القادرة على استيعاب كل التنوعات والتعدديات .. وهي التي تحول دون انحباس أحد في انتمائه الخاص .. وهذا يتطلب منا جميعا مواطنين ومؤسسات رسمية وأهلية ، العمل على صياغة مشروع وطني يستهدف تعزيز قيمة المواطنة .. وإن تعزيز هذه القيمة في فضائنا الاجتماعي والوطني ، يقتضي العمل على تفكيك كل الحوامل والحواضن الثقافية لظواهر التعصب والغلو والتشدد بكل مستوياتهما .. لهذا فإننا مع كل مبادرة ، تعزز قيمة التفاهم بين الأشخاص والأطياف ، ومع كل خطوة تساهم في تدوير الزوايا الحادة بين مختلف الفرقاء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.