ثمة قصتان لأحد الدعاة المشهورين، الأولى كان أحد الحاضرين يرويها عن أخته التي وقعت من الدور الرابع، وأنه قال: «إن شاء الله لن يحدث لها شيء». فضحك الشيخ الداعية، وقدم له «قرآن كريم» هدية، وهو يقول: «لا عاد تهك علينا مرة ثانية»، أي لا تكذب علينا مرة أخرى. القصة الثانية للشيخ نفسه، كان ذات مرة في الخارج وقابل قسيسا وقسيسة يدعوان للمسيحية أمام الكنيسة، فذهب ليتحاور معهما، وبعد أن طرح عليهما أسئلة أربكت عقيدتهما، قال لهما: «هل سبق أن سمعتم كلاما عربيا، وهل سبق أن قرأتم شيئا عن الإسلام، وهل سبق تكلمتم مع عرب»؟ وكانت الإجابة لا دائما، فقال لهم: سأقرأ عليكما جملتين وقولا ما الفرق بينهما؟ في الجملة الأولى قرأ من القرآن الكريم، في الجملة الثانية قرأ جملة ولكن رتلها بنفس طريقة القرآن الكريم، ثم سألهما: هل اكتشفتم فرقا بين الكلامين؟ فقالت العجوز: نعم، مع تأكيدها بأنها لم تفهم شيئا، لكن الفروقات عرفتها بقلبها كما أكد الشيخ، بل وأكدت أن الكلام الأول هو كلام الله عز وجل. ولم يقل له أحد من الحاضرين: «يا شيخ لا عاد تهك علينا مرة ثانية»، لأن الغالبية من العامة، والعامة ترفض الأفكار أو تقبلها كلا واحدا، من دون أن تتحمل نقاشها أو مناقشتها، وإخضاعها للمنطق. فيما الداعية ولأنه ليس من العامة، لم يستطع تقبل حكاية ذاك الرجل، واتهمه بالكذب لأن القصة لا تحتمل التصديق، فالمنطق يؤكد أن كل من سقط من الدور الرابع سيصاب بكسور، فما بالك حين تكون طفلة؟ المنطق يؤكد أيضا أنه لا يمكن لشخص أن يفرق بين جملتين للغة لم يسمع فيها أبدا، ولعقيدة «الإسلام» لم يسمع عنها، ألا يثير الدهشة تأكيد الداعية بأن القس والقسيسة لم يسمعا عن الإسلام شيئا، مع أن العصور الوسطى كانت مليئة بالحروب؟ سأترك السؤال معلقا وأكمل: هناك بالتأكيد من سيدخل المعجزة في هذا الأمر، وهذا يعني أن علينا تصديق قصة ذاك الرجل الذي دعا فاستجيب له، وأنه لم يكذب كما أتهمه الداعية. وهناك من سيقول: ثمة فرق بين الداعية والرجل العادي، وهذا يعني أن ثمة فرقا بين الداعية ومن يسمون بالأولياء الصالحين. أرأيتم.. لا يمكن لنا ممارسة الانتقائية، فإما أن نقبل القصتين ونصدقهما، أو نقول للاثنين «لا عاد تهكوا علينا». تنويه: الإسلام دين المنطق، فلا تدخلوه لمناطق مظلمة.