( .. هذا وما أخبر به القرآن من أن الله تعالى قد توعّد بني إسرائيل واخبرهم بأنه سيسلط عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب بسبب كفرهم وفسوقهم قد شهد بصدقه التاريخ وأيدته الحوادث، وهذه نماذج قليلة من تلك العقوبات التي نزلت بهم في الأزمنة المختلفة ) أ.ه. هذا مقتبس -نصاً- من المجلد الخامس من كتاب التفسير الوسيط للقرآن الكريم لفضيلة الإمام الشيخ محمد سيد طنطاوي-رحمه الله تعالى- ثم ذكر فضيلته رحمه الله تلكم النماذج التي أشار إليها وأعقب ذلك الحديث عن الأسباب التي أدت باليهود إلى هذا المآل. وذكر من ذلك أنانية اليهود وجشعهم، مبيناً أن بعض زعماء العالم العقلاء فطن إلى بعض من هذا، قال طنطاوي رحمه الله : ( ومن هؤلاء الزعماء العقلاء (بنيامين فرانكلين) أحد رؤساء الولاياتالمتحدة فإنه ألقى خطابا سنة 1789م قال فيه: ( هناك خطر عظيم يهدد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك الخطر هو اليهود. أيها السادة: حيثما استقر اليهود تجدونهم يوهنون عزيمة الشعب، ويزعزعون الخلق التجاري الشريف، إنهم لا يندمجون مع الشعب، لقد كانوا حكومة داخل حكومة.. ). ثم ذكر فضيلة الإمام مسترسلا العديد من الإثباتات التاريخية مسوقة بأسلوب علمي رصين كل ذلك وهو يفسر قوله تعالى (وإذ تأذّن ربك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب..) الآية. ندرك أن فضيلة الامام رحمه الله مضى الى ربه بعد ان كان معافى صباحاً في الرياض ليمسي في قبره في البقيع غير بعيد عن قبور صحابة كرام وائمة أعلام في خاتمة يقرأ العاميّ قبل العالِم من أحداثها وتتابعها أنها خاتمة حسنة جاءت فصل خطاب بين الشيخ وبعض خصومه. صافح الشيخ في ملتقى حواري في الولاياتالمتحدة رئيس وزراء اسرائيل في موقف مفاجئ عجز الشيخ – رحمه الله – ان يتحاشاه ولو قدّر أنه امتنع لكانت خصيصة وسابقة خالدة له لن ينساها التاريخ لكن الشيخ لم يقبض يده وصافح عدوه وعدو المسلمين باعتبار ان الميدان ليس ميدان معركة أياً كانت. لنا وللمراقبين للموقف والحدث آنذاك أن نقوّم ما صنعه فضيلة الامام الاكبر رحمه الله فنقول:أصاب، أخطأ، خالف الأولى، لكن ليس لأحد أن يتّهم الشيخ في نيته. وهذا ما وقع فيه بعض خصومه استنطقتهم الفضائيات فنفقوا وبالغوا في ذمّ الشيخ حتى كادوا ان يعدّوه يهودياً بل رأيت من يدعو الله ان يحشر سيد طنطاوي معهم ، لكنّ أحكم الحاكمين جلّ جلاله قضى بغير ما يؤمّلون ولا ريب أن عامة الناس هم المقصود دائما بكل خطاب يلقى ، وعامّة الناس لما رأوا فضيلة شيخ الأزهر يصلّى عليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء إمام في مثل قامة الشيخ علي الحذيفي - ورعاً وتقى – وراءه الآلاف من المصلين ثم تكفلت العامة بالباقي بحمله على الأعناق حتى مكان دفنه في بقعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في حقها: (إن جبريل أتاني فقال لي: إن الله يأمرك أن تأتي أهل البقيع وتسلّم عليهم). كل هذا جعل عامة المسلمين يجعلون ما سمعوه عن شيخ الأزهر وراءهم ظهرياً، لسبب بسيط أن هؤلاء العامة يتمنّون مثل هذه الميتة لأنفسهم. وأنا أدرك تماماً أن كثيراً من خصوم الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله لا يقلّون عنه قدراً بل فيهم من يفوقه علماً وتقى –فيما نحسب- لكن استزلّهم الشيطان ليقولوا في أخيهم ما يقولون. وهنا أقول: لا بدّ لنا جميعاً من تغليب حسن الظن والبعد التام عن إلقاء التّهم ورمي الناس، وحمل ما يقومون به على أسوأ المحامل، لا بد أن نرد متشابه قول أي أحد إلى محكم قوله، وإن ظهر لنا بجلاء خطأ أحدنا فما أجمل التناصح سراً والعتاب خفية.