مهازل العالم العربي لا يستطيع أن ينافسها أي انحدار عقلي أو أخلاقي في أي مكان يجتره البؤس والتمزق.. ففي العالم العربي يُراد تحويل الاستقرار إلى هدم، واتجاه النمو إلى انحدار تخلف، وتعميم لغة التفاهم إلى مفردات شتم.. ومعظم ذلك بتدخل إيرادات أجنبية.. لا تذهب أولاً إلى حدود المملكة العربية السعودية جنوباً.. اذهب إلى لبنان.. كيف تحول البلد الجميل.. الذكي.. الواعي.. إلى ساحة خطابة ومصنع اتهامات وسوق ولاءات؟.. لماذا يفرض وجود أكثر من حكومة أشخاص مع إعطال وجود حكومة دولة؟.. كيف غاب السودان الديموقراطي الذي عرف العالم العربي منه لغة الكاريكاتير واستقلالية المقال السيادي واستقالة رئيس الدولة عندما يفقد صفته البرلمانية؟.. كيف تعذر أن تقوم دولة بانتخاب حقيقي في موريتانيا حيث يصحح ذلك الانقلاب العسكري الطارئ؟.. وغير هذه الدول الثلاث هناك نماذج أخرى تختبئ عيوبها تحت ضبابية الركود.. في الأوضاع الواضحة أعلاه نستطيع المساءلة.. ماذا يريد الحوثيون؟.. ماذا يستفيد مَنْ يحرك الحوثيين؟.. لا شيء إلا هدف إزعاج الآخرين.. هل بمقدور أقلية حرب عصابات أن تكون الأقوى من جيش دولتين؟.. بالطبع لا.. لكن السؤال الآتي خلف الحوثيين هو: أليست السعودية تبني نفسها علمياً واقتصادياً وتنفرد بقوة عسكرية مميزة، فيما الشارع الإيراني يعلن رفضه لسيطرة اللاهوت الغامض؟.. استهداف المملكة من قبل الحوثيين ليس نزعة حرب ولا مبادرة إضعاف.. ولكنه حماقة إرهابي يفجر نفسه ويرحب أن يقتل معه بعض من لا يرضى عنهم.. المملكة بكل قواها، عسكرياً واقتصادياً وعلمياً، هي فوق كل مستويات المنطقة.. ولذا فإن ما فعله الحوثيون ومَنْ يديرونهم خارج حدودهم ليس إلا عملية لفت انتباه دموية تطاردها اختناقات يأسهم..