"التجارة" تدعو المنشآت التي مضى عام على قيدها في السجل التجاري لتأكيد البيانات إلكترونياً    أمير القصيم يستقبل سفير موريتانيا ويشيد بجهود لجان العفو    هداية تواصل الأثر.. 18 ألف مستفيد و100 مسلم جديد في يونيو    215 ألف إجراء صحي في مركز المراقبة بمطار الأمير نايف خلال النصف الأول من 2025    أمير حائل يدشّن مبادرة "أبناؤنا بعيون الصحة"    خطبة الجمعة القادمة عن التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة    المدير الرياضي للاتحاد: سوق الانتقالات سيكون هادئًا.. والسعودية ليست وجهة للاعتزال    أحداث تاريخية وقعت في جيزان.. معركة الضيعة وشدا    2 مليون دولار تفصل وسام أبو علي عن الدوري القطري    تمكين الهمم يختتم عامه القرآني بحفل مهيب لحَفَظَة القرآن من ذوي الإعاقة    حرس الحدود‬⁩ في "الوجه" يحبط تهريب 26 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الدورة العلمية في صامطة    الشؤون الإسلامية في جازان تناقش آلية تدريب الموظفين على الإسعافات الأولية    أمير الشرقية يستقبل سفير مملكة تايلند ويشيد بجهود مكافحة المخدرات بالمنطقة    المياه الوطنية تدعو عملاءها لتسجيل التوصيلات المنزلية غير النظامية    الأهلي يُعلن عن ودياته التحضيرية للموسم الجديد    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس جمهورية القُمر المتحدة بذكرى استقلال بلاده    ارتفاع عدد ضحايا السيول في ولاية تكساس الأمريكية إلى 32 شخصًا    كوكب الأرض يستعد لتسجيل مجموعة من أقصر الأيام لعام 2025    والدة المحامي حمود الحارثي في ذمة الله    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    بلاستيك إلكتروني صديق للبيئة    ريال مدريد يكمل عقد نصف نهائي كأس العالم للأندية بثلاثية في شباك دورتموند    طقس الأحد.. - استمرار تأثير الرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار    محادثات غير مباشرة في قطر وسط استمرار التصعيد الميداني في غزة    بلدية الخبر تطلق مشروع تطوير الخبر الشمالية    أوكرانيا تستهدف قاعدة جوية روسية    أكدوا مواصلة إيران للتخصيب.. قلق أوروبي من انهيار جهود استئناف المفاوضات النووية    أكد أنها تعكس الالتزام بتحقيق أهداف التنمية.. البديوي: أجنحة دول التعاون في "إكسبو" تجسد الإرث الحضاري    "الداخلية": ضبط 17.8 ألف مخالف في أسبوع    قواعد جديدة منها إغلاق المنشأة وإلغاء الترخيص.. غرامات تصل إلى مليوني ريال للمخالفات البلدية    1334 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    "الإيسيسكو" تبحث إنشاء منصات رقمية لتوثيق تراث المملكة    مسابقة لترشيح سعوديين ل«كأس العالم للحلويات»    يستعرض التطورات في المملكة خلال الأعوام الماضية.. «كنوز السعودية» بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي «الوجهة»    تطوير التعاون مع صربيا وإندونيسيا في النقل الجوي    أكدت تمكينه وتوسيع أثره بالقطاعات الحيوية.. وزارة "الموارد": تنمية القطاع التعاوني للمساهمة في مستهدفات رؤية 2030    مصرع 4 أشخاص في تحطم طائرة صغيرة بالنمسا    "جوجل" تطلق"Veo 3″ لتوليد الفيديو بالذكاء    "صناعة الخوص ".. حرفة تقليدية حاضرة ضمن فعاليات بيت حائل    دراسة علمية ب "مجلة الدارة" تؤكد أهمية الوعي الوثائقي في حماية التراث الوطني    وزير الخارجية يفتتح المبنى الجديد لسفارة المملكة في موسكو    رابطة دوري المحترفين تتولى الرقابة المالية للأندية    بئر غرس.. ماء مبارك وأثر نبوي خالد    "نيوم"يتعاقد مع الحارس البولندي مارسين بولكا    ظهور نادر للفنان المصري عادل إمام بعد غياب طويل    «فاكهة الصيف».. تعود للأسواق    الشؤون الإسلامية بنجران تغلق 460 بلاغاً    نيابة عن أمير الرياض.. أمين المنطقة يحضر حفل سفارة راوندا    البدء بصيانة جسر خادم الحرمين وتقاطع الملك عبد العزيز بالدمام    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعات الليبراليين
نشر في أنباؤكم يوم 21 - 06 - 2009


د. سعيد حارب - أوان الكويتية
كنت قد كتبت منذ فترة عن مراجعات الإسلاميين. وأتابع مقالات بعض الزملاء الذين يوصفون بأنهم من الليبراليين، وبخاصة في منطقة الخليج العربي. وهي مقالات تعبّر عن حال سائدة بين عدد من المثقفين والأكاديميين، وتشكل جزءًا من الحال الفكرية التي تسود المنطقة من ضمن الحراك الثقافي العام، والتحولات التي بدأت في المجتمعات الخليجية منذ فترة زمنية تمتد لما يقرب من نصف قرن. لكن، ومقارنة بين الخطاب الليبرالي قبل سنوات عدة، وبما هو عليه اليوم، ستكشف أن هذا الخطاب تغيّر تغيرا كبيرا في محتواه ومستواه، إذ يبدو أن «معركة» الليبراليين مع خصومهم الإسلاميين، أنستهم المبادئ التي يجب أن تعمل الليبرالية من أجلها.
وبتحليل مبسط لمحتوى الخطاب الليبرالي المعبر عنه في كتابات الليبراليين وحضورهم الإعلامي، سنكتشف أن «الحال الإسلامية» ومواجهتها، هي المسيطرة على هذا الخطاب. وإذا كان هذا الأمر متوقعا في أي مجتمع يشهد مثل تلك التحولات الثقافية، إلا أن من غير المتوقع أن يغيب هذا الخطاب عن قضايا أخرى تشهدها المجتمعات الخليحية ضمن هذه التحولات. فالحرية التي هي أحد المبادئ التي تقوم عليها الليبرالية، لا تبرز في الخطاب الليبرالي إلا في مجال الحريات الشخصية. وعلى الرغم من أهمية الحرية الشخصية، إلا أن تلك الحرية لا يمكن أن تنفصل عن الحريات العامة، التي يجب أن تسود في المجتمعات.. فالحرية الفكرية هي إحدى الحريات المهمة للأفراد والمجتمعات، وبغيرها تصبح هذه المجتمعات مثل زجاجات المياه الغازية، تتشابه في اللون والطعم والرائحة!!
التنوع الفكري والثقافي مصدر إثراء للشعوب والأفراد، لكن هذه الحرية تغيب في معظم أدبيات الخطاب الليبرالي المعاصر ليحل محلها الإقصاء الفكري، ومحاولة العزل والاتهام، وهو العيب ذاته الذي ينسبه الليبراليون لخصومهم. ويبدو ذلك واضحا في موقف بعض الليبراليين من الإسلاميين والقوميين حين يصمونهم بالتخلف والجهل والظلامية والغوغائية والديماغوجية، بل وصل الأمر حد استعداء السلطات على المخالفين لهم، واستحسان الخطوات «القمعية» التي تقوم بها بعض السلطات ضد من لا توافق على أفكارهم وآرائهم.
إن موقفا مثل هذا لا يمكن أن يخدم التطور الفكري والحياة الثقافية للمجتمعات، وبخاصة الناشئة منها. ويمتد الأمر إلى الموقف من حرية التعبير التي هي أبرز صور الحريات في الفكر الليبرالي، الذي يعتبر حرية التعبير حقا «مقدسا» للإنسان. لكن الملاحظ أن الخطاب الليبرالي العربي بصفة عامة، والخليجي بصفة خاصة، لا يتحدث عن حرية التعبير إلا حين تخدم أهدافه وتوصل صوته.. ويصمت إذا كان المستهدف غيره، على الرغم من أن هذا التيار بصفة عامة، يتولى عددا كبيرا من المؤسسات الإعلامية بمختلف صورها، ويهيمن بصورة كبيرة على الخطاب الإعلامي العربي، لكنه يمارس دورا غير مباشر في إرساء القطيعة مع التيارات الأخرى بعزلها وحرمانها من حق التعبير.. ولا يسمح ب «اختراق» مؤسساته لمن يختلف معه في الرأي. وهو في ذلك يتناسق مع الخطاب الإعلامي العربي الرسمي، الذي يمارس نوعا من التمييز، ويحدد موقفه منطلقا من مبدأ «من ليس معي فهو ضدي». لذا لا تجد في الغالب اختلافا كبيرا بين الخطاب الإعلامي الرسمي والإعلامي الليبرالي، بل ربما زايد عليه في بعض الأحيان. إن أحدا لا يطلب من هذا الخطاب أن يكون خطابا معارضا أو تصادميا كما يصف هو خصومه، لكن المطلوب هو أن ينسجم هذا الخطاب مع الفكر الذي يحمله، حتى لا يكون مناقضا للفكر الليبرالي الذي يعلي من شأن الإنسان وحقوقه.
ومما يوجه للخطاب الليبرالي، وبخاصة في منطقة الخليج، هو عدم إسهامه في التطور السياسي للمنطقة. وباستثناء الكويت، فإن هذا الخطاب كان خطابا تبريريا للواقع السياسي، يحاول «نمذجة» الواقع، وإبرازه، باعتباره أنموذجا يجب أن يحتذى به، انطلاقا من معطيات حقيقية كالاستقرار السياسي والتنمية البشرية. لكن هذه «النمذجة» التي تعود في حقيقتها لمعطى أساسي واحد، وهو الوفرة المادية التي مكنت من تحقيق هذه التنمية وأوجدت هذا الاستقرار.. لكن التنمية والاستقرار رهينا التطور الذي هو شأن طبيعي في حياة الشعوب. فمجتمعات الخليج شهدت تطورا في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن هذا التطور لم يلامس الجانب السياسي بصورة تتناسب مع باقي الجوانب.
ومجتمعات الخليج تتمتع بهذه بالظروف الطبيعة للتطور السياسي، فهي مجتمعات متجانسة، مترابطة، وذات قيم اجتماعية متشابهة. كما أن ارتباطها بنظمها السياسية، لايزال متماسكا وهادئا. وفي ظل هكذا ظروف يمكن أن يتم حراك أو تطور سياسي هادئ يساعد هذه المجتمعات على الانتقال خطوات متدرجة على طريق التقدم، ويجنبها «هزات» العنف والتطرف التي تصيب بعض مجتمعاتها بين حين وآخر. وهنا يأتي دور الاتجاهات الفكرية والثقافية والاجتماعية في دفع مسيرة المجتمع نحو هذا التطور.
وإذا كانت بعض التيارات الإسلامية توصف بالعنف والتشدد، ورفض بعضها لصيغ التطور السياسي كالديمقراطية وغيرها، وما توصف به التيارات القومية بالمثالية واللا واقعية، فإن التيارات الليبرالية كانت لديها الفرصة للقيام بهذا الدور، لكن هذه التيارات اختارت التنازل عن هذا الدور، ورضيت بالأدوار الهامشية في هذه العملية. وفي بعض الأحيان كانت معطلة لهذا التطور. ولعل كتابات بعض الليبراليين، وموقفهم من الديمقراطية والمشاركة، يؤكد هذا الرأي، بل إن بعضهم قدم مصالحه الشخصية على المصالح العامة، فأكد بذلك التهمة التي يصمهم بها خصومهم، بأنهم نفعيون أكثر منهم أصحاب مبادئ، وتلك صفة إن انطبقت على البعض منهم، لكنها لا تنطبق على الجميع بالتأكيد.
ولعل من أبرز ما يحتاجه الليبراليون من مراجعات بعد، هو موقفهم من القضايا العربية العامة. فقد كشفت الأحداث الأخيرة أن هناك تيارا في وسط هذا التيار لا شأن له بقضايا الأمة، بل ربما كان موقفه سلبيا منها. وقد عزز ذلك رأي كثير من المتربصين الذين يتشككون بإخلاص الليبراليين، ويلحقونهم بالتبعية الغربية أكثر مما يلحقونهم بالإنتماء الوطني والقومي.
إن أحدا لا يستطيع أن ينكر تأثير التيار الليبرالي في المنطقة، سواء اتفق معه أم اختلف، وسواء قبل ببعض مواقفه أم اختلف معها. وإذا كانت التيارات الأخرى مدعوة للمراجعات والنقد، فإن هذا التيارمدعو كذلك لمراجعة دوره ومواقفه إن كان يريد أن يكون له دور.
كاتب من الإمارات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.