قالت صحيفة "ذي تايمز" اللندنية الاربعاء4 يناير 2012 إن نهاية معمر القذافي كانت قاسية ووحشية. فقد تم سحب الزعيم المخلوع الهارب من أنبوب كبير للمجاري في مسقط رأسه سرت في أكتوبر 2011. وتم عرضه وهو مثخن بالجراح لكنه كان واقفا ويتحدث، أمام الثوار الذين كانوا يشهرون أسلحتهم- وفقا للصحيفة اللندنيه-، وصورت كل هذه الممارسات تقريبا على أشرطة فيديو. و قتل فجأة هو وابنه المعتصم، الذي صور حيا عقب اعتقاله. وقد وكلت ابنته عائشة التي هربت إلى الجزائر المجاورة محاميا مرموقا يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والبريطانية بالبحث في سبب عدم قيام محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في ما وصفه مدعي عام المحكمة، لويس مورينو أوكامبو، بأنه ربما يشكل جريمة حرب. المحامي "نيك كوفمان" الذي عمل في مكتب محكمة الجنايات الدولية ولاحقا كمستشار لهيئة الدفاع، قال إن أسئلة جدية حول مشاركة بريطانيا وحلف الناتو في قتل القذافي وابنه، بالإضافة إلى قدرة المجلس الوطني الانتقالي على التحقيق في عمليتي القتل. وبحسب كوفمان: "ان عائشة القذافي تعتقد أنه يتوجب التحقيق مع الناتو، وكذلك الثوار. ومن الواضح أن الناتو شارك في العملية التي أدت للقبض على القذافي، ولاحقا إعدامه خارج سلطة القضاء'. واستطرد لصحيفة "ذي تايمز": "الأمر غير الواضح حاليا، ومن مسؤولية المدعي العام التحقيق فيه، هو المدى الذي وصل إليه التعاون بين الجانبين. هناك تقارير متضاربة حول الكيفية التي نفذ بها الهجوم وما كان معروفا للناتو قبل ذلك". وقال أيضا: "هناك تقرير بأن مكالمة هاتفية أجراها معمر القذافي تم اعتراضها من جانب القوات البريطانية. وإذا كان هذا صحيحا، فالسؤال المطروح هو مدى تزويد القوات البريطانية للأميركيين والفرنسيين بهذه المعلومات، بسبب وجود تقارير تفيد بأن ما حدث لاحقا هو إطلاق صاروخ (هلفاير) من طائرة بلا طيار على القافلة التي كانت تغادر سرت، وأعقب ذلك ضربة من طائرة مقاتلة فرنسية". واضاف كوفمان، الذي كان مستشارا قضائيا لصحيفة "ذي تايمز" قبل أن يهاجر إلى اسرائيل منذ 20 عاما، إن المحكمة الجنائية الدولية هي وحدها المخولة بالتحقيق في التسلسل القيادي لحلف ال"ناتو". غير أنه المح أنها لا تفعل ذلك بسبب الضغط السياسي الواقع عليها. وأضاف إن أوكامبو وهو المدعي العام الأرجنتيني الذي عمل ذات يوم مع المحكمة "حقق بسرعة في الجرائم المنسوبة للقذافي، فلماذا يرفض بالمثل التحقيق في ما ينسب لأطراف أخرى؟". وتساءل: "لماذا يقول اوكامبو الآن إن السلطات الليبية تمتلك نظاما قضائيا فعلا وكافيا يتيح لها التحقيق بحيادية كاملة؟ الأشخاص الذين تسلموا المسؤولية للتحقيق في هذه الجريمة هم نفس الأشخاص الذين يتهمون بالوقوف وراءها". ويشتبه كوفمان بان مكتب المدعي العام يتباطأ "نتيجة لكل الأسباب السياسية التي يمكن التكهن بها". ويضيف: "أي محاكمة في لاهاي يمكن أن تكشف الغطاء عن التواطؤ الغربي مع نظام القذافي، الذي تمت إعادة تأهيله خلال السنوات الثماني الماضية بسبب الجهود البريطانية إلى حد كبير. وتواجه بريطانيا قضية رفعها عبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري لمينة طرابلس. وهو إسلامي سابق تعرض، وفقا للوثائق التي عثر عليها في طرابلس بعد سقوط النظام، لتعذيب شديد من جانب وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بعد إخبارية بريطانية عنه في ماليزيا. وتم تعذيبه وإعاته إلى ليبيا حيث سجن وتعرض للتعذيب كذلك من جانب نظام القذافي". وقال كوفمان إن تباطؤ المدعي العام يمكن أن تكون له علاقة بفتور الرغبة في جلب سيف القذافي للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية. ويحتجز سيف القذافي في مدينة الزنتان تحت إشراف ميليشيا رفضت تسليمه للسلطات المركزية. وأضاف كوفمان: "لا اعتقد أن هناك مصداقية من جانب المدعي العام في رؤية سيف القذافي يمثل للمحاكمة في لاهاي. وإذا كانت هذه هي الحقيقة بالنسبة لأحد طرفي الصراع، فيجب أن تطبق بالمساواة مع طرف آخر في الصراع كذلك". وذهب إلى القول بأن محكمة الجنايات الدولية ردت على طلب عائشة القذافي بالقول إن حكام ليبيا الجدد امامهم مهلة حتى مايو لتاكيد قدرتهم على إجراء تحقيق محايد وأضاف إن ذلك وقت طويل جدا.
واستطرد يقول: "يجب إجراء التحقيق فورا، هذه هي النقطة الأساسية". ولاحظ أن محكمة الجنايات الدولية هي في وضع يمكنها فيه القيام بذلك، لأنها تتعاون مع القيادة الجديدة حول الجرائم المنسوبة للقذافي. وقال: "أي تحقيق ملائم من جانب سلطة ادعاء متفرغة سيتم إصدار أمر بشأنه فورا، خصوصا في جريمة من هذا النوع وهو أمر شد انتباه العالم. العالم كله شاهد ذلك عبر إعلام الفيديو وهز الدنيا كلها. وليس مهما ما يراه الناس بشأن القذافي، فالجريمة فظيعة فعلا ومن أجل المحافظة على مسرح الجريمة يتوجب إجراء تحقيق فوري". وأضاف إنه طلب منح عائشة القذافي وضع الضحية. وهو موقف قانوني يتيح لها أن تتقدم بالشهود في أي محاكمة واستجواب مباشر للشهود. ونفى التقارير التي أفادت أنها تفكر في طلب اللجوء السياسي في اسرئيل، وهي شائعة نجمت عن ادعاءات الثوار بأن عائلتها تنحدر من اصول يهودية. وأضاف: "هي ممتنة للسلطات الجزائرية على منحها اللجوء". ورفض التعليق على الكيفية التي يتواصل بها مع موكلته، التي لم يصدر أمر باعتقالها. ويتهم القذافي بإدارة وتنظيم الحملة القمعية الوحشية على المحتجين. كما يتهم سيف الاسلام بإصدار أوامر منتظمة بشن هجمات على المدنيين. اما خميس القذافي أعدم معتقلين قبل قتله في سبتمبر 2011 وهو أصغر أبناء القذافي. البغدادي المحمودي رئيس الوزراء السابق معتقل حاليا في تونس ويمكن أن يواجه المحاكمة.