تظاهر الالاف الجمعة 18 مارس 2011، في ميدان التحرير بالقاهرة، احتجاجا على التعديلات الدستورية الجديدة عشية الاستفتاء عليها، معتبرين انها لا تلبي مطالب "ثورة 25 يناير" فيما يرى انصارها انها تتيح سرعة العودة الى الحكم المدني. وتجمع نحو ثلاثة الاف شخص منذ الصباح في هذا الميدان، الذي اصبح رمزا للثورة التي دفعت الرئيس السابق حسني مبارك الى التنحي في 11 فبراير الماضي وتسليم السلطة الى المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى ادارة البلاد لفترة انتقالية. وفي اجواء احتفالية تزخر بالوان العلم المصري واللافتات ردد المتظاهرون الذين اقاموا ثلاث منصات تبعد الواحدة عن الاخرى نحو عشرين او ثلاثين مترا هتافات معارضة لهذه التعديلات التي ستطرح على الناخبين في استفتاء غدا السبت. وردد المتظاهرون "يسقط يسقط الدستور" و"الشعب يريد اعلان دستور جديد" و"يا شهيد نام وارتاح، نحن نكمل الكفاح" و"يا شهيد نام واتهنى، حسني في نار وانت في جنة". وهتف احدهم "ثورة ثورة في الشوارع والمصانع، ثورة ثورة في الكنائس والجوامع" وختم هاتفا "تحيا مصر" ليردد وراءه المتظاهرون "ارفع راسك لفوق، انت مصري". واوقف احد عناصر الشرطة العسكرية الذين يشكلون حاجزا بشريا يضمن استمرار حركة السير، احد المتظاهرين فهرع عدد كبير اليه للعمل على اخلاء سبيله وهو ما حدث في النهاية. ورفع بعض الناشطين لافتة عملاقة كتب عليها بالاحمر "دستور مبارك سقط بقيام الثورة... تعديله باطل". وقال شاب في الخامسة والعشرين بدا من هندامه انه من عائلة ميسورة "عايزين نتعرف على بعض، انا كنت هنا في 25 يناير، وحتى ان اختلفنا في الرأي يجب احترام الرأي الاخر" فايده رجل ملتح في الاربعين من العمر يبدو من ثيابه انه من فئة اجتماعية متواضعة "لم يكفهم ما نهبوه من اموال، يريدون الان ان يعود الفرعون". وارتفع صوت المؤذن يدعو لصلاة الجمعة فتوقفت الهتفات لاقامة الصلاة. وقال خطيب الجمعة ان "صوت الفرد امانة يجب ان يؤديها مهما اختلفت الاراء" مؤكدا على "ضرورة حرية الفكر والتعبير عن الرأي". ودعا الى "الافراج الفوري عن معتقلي الرأي" لانها "اولى مراحل بناء المجتمع الحديث". ودعا الشيخ مظهر شاهين القوات المسلحة الى "التفاعل مع الحالات الطارئة التي تمر بها مصر" منوها بدور الجيش ومؤكدا "تضامن كافة فئات الشعب المصري مع الأخوة فى ليبيا". وفي نهاية الخطبة، أكد على "ضرورة التمسك بأواصر الوحدة الوطنية بين نسيج المجتمع المصري ودرء نار الفتنة". وبعد الصلاة استؤنفت الهتافات والمناقشات. وقالت سيدة في الستين تقريبا تدعى ثريا عبد الله رمضان وهي ترفع بيدها اليمنى علم مصر واليسرى ورقة كبيرة كتب عليها "لا" (لتعديل الدستور) باللون الاحمر "دستور فرعون ساقط، نريد دستورا جديدا، وعندها ستصبح مصر احسن بلد في الدنيا! تحيا مصر!" واضافت فتاة محجبة ترافقها تدعى نورا وهبي (25 سنة) ان "المهلة قصيرة فبعد الاستفتاء ستجرى الانتخابات البرلمانية ولا يوجد سوى حزبين منظمين على مستوى القاعدة، هما الحزب الوطني والاخوان المسلمين". وتساءلت "لماذا هذا التسرع بينما لم تتمكن بقية الاحزاب من التعبئة والاستعداد للانتخابات؟" مؤكدة "لا بد من مزيد من الوقت، نريد برلمانا قويا وحينها لا يهم من يكون الرئيس". وشارك في التظاهرة مواطنون من مختلف فئات المجتمع بين رجال ونساء وشباب وكهول. وجلست بعض العائلات باطفالها على ما تبقي من عشب الحديقة الوسطى في الميدان يتناولون الشاي ويتجاذبون اطراف الحديث، بينما اخذ شاب يتنقل من مجموعة الى اخرى ليرسم على وجوه الاطفال خطوطا بالوان العلم المصري الابيض والاحمر والاسود مقابل جنيه مصري. وانتشرت تعزيزات من الشرطة العسكرية لضمان استمرار حركة السير حول الميدان. وهتف احد المتظاهرين "يا مشير يا مشير، اول مطلب للمصريين، اطلق سراح المعتقلين" في اشارة الى وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي. وقال علاء الصياد (28 سنة) الناشط في شبكات الفيسبوك "بدلا من ترقيع الدستور الحالي الاجدر الاستفتاء على دستور جديد، لقد هددونا بالفوضى عندما طالبنا بتنحي مبارك ولم يحصل، وهددونا بالفوضى عندما طالبنا بتنحي شفيق ولم يحصل، والان يهددوننا بالفوضى لاننا نطالب بدستور جديد". اما امال فتحي (48 سنة) المستشارة الاعلامية في التلفزيون فقالت انها مع "التعديلات الدستورية لان الشعب عايز استقرار، ما ينفعش نقول لا والديمقراطية يعني كل واحد يقول رايه بكل حرية" موضحة باصرار "انا كنت في الثورة". وتدخل رأفت بدوي (42 سنة) يسألها "هل اقرار دستور جديد سيأخذ وقتا طويلا، انا عايز دستور جديد" واحتدم النقاش بينهما لكن في حدود اللياقة. والمصريون مدعوون للتوجه الى صناديق الاقتراع السبت للتصويت ب "نعم" او "لا" على تعديل تسع مواد من الدستور والغاء مادة واحدة. ومن ابرز الداعين الى التصويت ب "لا" المرشحان للرئاسة، وزير الخارجية السابق الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام. وقد انفرد الاخوان المسلمون الذين يعتبرون ابرز حركة معارضة بالدعوة الى التصويت ب"نعم".