يؤمن الكثير من الاندونيسيون بقدرة "السحر الاسود" على تسهيل أمورهم المعيشية، حتى ان المتاجر المتخصصة في بيع وصفات سحرية جاهزة او "تعاويذ" ( حسبما يطلقون عليها) أصبحت منتشرة كالبقالات في بعض المدن الاندونيسية، وغدت تجارة السحر مصدر يدر دخلا كبيرا على شريحة من المواطنين الاندونيسيين. ونقلت وسائل الإعلام السعودية عشرات القصص عن اسر تضررت من السحر بالمملكة، بعد ان وقعت ضحية لعاملات منزليات قدمن من بيئة متشبعة بالسحر، ويؤمن بانه سبيلهن الوحيد للتخلص من وضعهن المعيشي الصعب، او طريقة سهلة للسيطرة على أفراد تلك الأسر. ولبشاعة القصص التي تروى حول قضايا السحر التي تورطت فيها خادمات اندونيسيات بالمملكة، فقد حاولت "عناوين" رصد "مشكلة" السحر وتغلغله في المجتمع الاندونيسي. ويسيطر "السحر الاسود" ( أقوى أنواع السحر حسب اعتقادهم) و "السحر الأبيض" (سحر المحبة والشفاء) على عقول بعض الاندونيسيين، ويلعب دور مهم في حياتهم اليومية ، حيث يعتقدون ان الكثير من الأحداث كالموت المفاجئ و المرض وشح المحاصيل ومشاكل الزواج كلها نتيجة لأفعال أسياد السحرة، او ما يعرف شعبيا باسم "dukun" (دوكين) ، ما يدفعهم للجوء إليهم من باب الوقاية. ورغم ان أغلبية سكان إندونيسيا مسلمون، الا انه نسبة كبيرة منهم يتقربون الى سحرة الدوكين عبر الذبح لهم وإعطائهم الأموال والهبات ، بل قد يصل الامر الى عبادتهم، ما أعطى السحرة فرصة لاتخاذ إتباع منهم يعملون على خدمتهم دون مقابل، ويستعبدونهم في كثير من الأحيان. وتقول السلطات الاندونيسية ان سيطرة الدوكين على جزيرة جاوة (رغم ان معظم سكانها مسلمين) أقوى من سيطرتهم على "بالي"، فرغم انك قد لا ترى مسلما يدخل لبيت ساحر في وضح النهار ويحاولون "التستر"، الا انهم يتهافتون عليهم بشكل كبير مع قدوم أول أزمة أسرية او مشكلة عضوية. وتعتبر منطقة "بانيووانجى" الواقعة بجزيرة جاوة مهد السحر الأسود في اندونيسيا، وطبقا لكتب تاريخية، فان السحرة بتلك المنطقة اعتمدوا خلال القرون الماضية على مزيح من "المعتقدات الروحية" و "التصوف الإسلامي" وسخروها لخدمة أهدافهم، حتى يظهروا بمظهر الصالحين، رغم انهم في الحقيقة يعتمدون على تسخير الجن. ويأخذ السحر الاسود في "بانيووانجى" شكلين رئيسيين، يسمى الاول " sihir" (سحر) ويستخدم للقتل، حيث يقوم الساحر بعمل سحري لإلحاق الضرر بمعدة الضحية، فتنتفخ بشكل كبير، ويعثر الأطباء على اشياء غريبة فيها كالسكاكين والمسامير والزجاج، بل ان بعض الاطباء عثروا على اواني طبخ وحيوانات صغيرة بمعدة احد الضحايا، ونادرا ما ينجوا المصاب بذلك النوع من السحر من الموت. والنوع الثاني في " بانيووانجى" يسمى (rapuh) او سحر "المعاناة" وهو مصمم لجعل الضحية يعاني طوال عمره، ويشمل ذلك إصابته بالعمى او الصمم او الشلل المفاجئ. ويعيش الاندونيسيون في خوف دائم من الدوكين، رغم ان زعماء المناطق القروية يمنعون السحرة من استخدام سحرهم ضد أبناء قراهم، ويجبرونهم على أداء القسم في المساجد بعدم التعرض لهم. وحتى يصبح الشخص "دوكين"، فان من أهم الشروط ان يكون احد أسلافه ساحرا، قبل ان يمر بمرحلة طويلة من الاعداد والتدريب على يد السحرة، ويقرأ الكثير من كتب السحر التي تتوفر بالمكتبات العامة والتجارية. ويجذب السحر في اندونيسيا الكثير من الاجانب الذي يأتون بهدف العلاج او جلب المحبة، او حتى الحاق الضرر بالآخرين، حسب اعتقادهم. ورصدت "عناوين" رسالة وضعها شاب من السعودية على أحد المواقع الالكترونية الاندونيسية التي نشرت تقريرا عن السحر، يطلب فيها مساعدة القائمين على الموقع والقراء للوصول الى ساحر "متمكن" كي "يخلصهم" من سحر قال انه أصاب أسرته، مبديا رغبته في السفر الى جاكرتا لهذا الغرض. ولم تسلم السياسة في اندونيسيا من تأثير السحر، حيث ذكر الإعلام الاندونيسي عدد من القصص حول مرشحين اتهموا منافسيهم باستخدام السحر الاسود لجذب المصوتين، ومن ابرز تلك القصص ما قاله المرشح لمنصب حاكم جاكرتا في منتصف العام 2007 الجنرال السابق بريجانتو أمام 3000 مصل بأحد المساجد ، بان منافسه في الانتخابات "فوزي بو " استخدم السحر الأسود لجذب الناخبين، ما ادى لخسارته. كما استفاد السحرة من التقنية لتعزيز سطوتهم وسخروها لمصلحتهم، فحسب تقارير إعلامية اندونيسية فقد انتشرت في أواخر العام 2008 رسالة جوال عرفت ب"الاس ام اس الحمراء"، حيث يتعرض كل من يقرأها لمشاكل جسدية، فيما ذكرت الشرطة الاندونيسية حينها انها تلقت شكاوى وانها تحقق في الامر.