أخذاَ في الاعتبار الأعداد الكبيرة من السعوديات الباحثات عن عمل ويحملن مؤهلات تربوية، يصبح لزاماً الاهتمام «بسعودة» هذا المجال، والسعي حثيثاً للاعتماد على الموارد البشرية المواطنة في التدريس في المدارس الخاصة، لكن ما نجده أن هذه المدارس مازالت تعتمد على كوادر بشرية وافدة إدارةً وتدريساً، والتطور المهم الذي حدث مؤخراً نتيجة لجهود وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية هو تطور «مادي» من خلال تحديد الحد الأدنى لأجر الموظفة السعودية في هذه المدارس. وهذه خطوة لاشك مهمة لكن الأهم أن تصبح العملية التربوية ترتكز على جهود وقدرات ومساهمات المدرسات السعوديات. وحتى أكون واقعياً فقد يتطلب ذلك عدة سنوات لكن لا يجب أن يأخذ دهوراً من بقاء المدرسات السعوديات رديفات يوظفن في العديد من المدارس لتعزيز «نسبة السعودة» بما يحقق متطلبات «نطاقات»، وليس لتقوم السعودية بالتدريس أو الادارة أو الاشراف في المقام الأول! وقد تجد من يقطب حاجبيه باعتبار ان مهمة التدريس الخطيرة يجب أن تناط بمن يملك الخبرة والتجربة والحصافة، وكأن هذه الخصال لن تتوفر إلا بمن يأتي من وراء الحدود. لاحظ ما أقول: أقول للمدارس الخاصة: فضلا اعطوا السعوديات الفرصة كاملة ليصبحن العمود الفقري للعمليتين الإدارية والتربوية في مدارسكم، وبالتأكيد فذلك لا يعني استبعاد الوافدات ممن يملكن الخبرة، ولكن بشرط أن يساهمن في تدريب وتأهيل وتطوير السعوديات. ولا ادري إن كانت المدارس ستقوم بتلك المهمة؛ مهمة الاعتماد على السعوديات طوعاً أو من خلال برنامج ممنهج، أم أن المطلوب أن تكون هناك «عصا غليظة» لتحقيق السعودة في بلادنا؟ وحتى لا نترك ذلك للصدفة فلعل من الملائم أن تطلق وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع صندوق تنمية الموارد البشرية برنامجاً تأهيلياً لتطوير مقدرات المدرسات السعوديات في القطاع الخاص بما يؤدي إلى تمكينهن من تحمل المسئولية كاملة بالتدريج. ولعل من الملائم القول ان من خلال الحرص على تصميم برامج التأهيل تلك على المستوى الملائم، ومن خلال الربط بين المدرسات المخضرمات والمستجدات فسيصبح الأمر ممكناً، أما أن تترك المدرسة الخريجة المواطنة تتعلم بمفردها من خلال استكشاف الصح والخطأ ولتجد أن هناك من يترصد لتلك الأخطاء ويضخمها عوضاً عن أن يوجهها ويأخذ بيدها ليصبح أداؤها أفضل يوماً بعد يوم..فذلك أمر لا يمكن أن يؤدي لتطوير الكوادر التعليمية السعودية في المدارس الخاصة. ولعل المورد المهم الذي يمكن أن يكون بمثابة صمام الأمان للمدارس الخاصة هو الاستفادة من المدرسات والمربيات السعوديات المتقاعدات أو استقطاب من هن على رأس العمل في المدارس الحكومية، بل يمكن القول انه من الملائم ان تدرس الوزارة انتداب بعض من مدرساتها ومشرفاتها لدعم المدارس الخاصة بما يؤدي للارتقاء بها. أنهي بالقول ان ميزة المدارس الخاصة لا يمكن أن تكون خلوها من السعوديات أو تهميش دورهن، وان كانت المدارس الخاصة تتغنى بأن ميزتها تكمن في جودة التعليم فعلى تلك المدارس إدراك أن ليس بوسعها أن «تنسلخ» عن بيئتها، وأن مصلحتها في المدى الطويل تتحقق بتطوير كوادر محلية تمتلك الخبرة والمهارة.. والفرصة أمام تلك المدارس بتكلفة زهيدة لا تتجاوز 5600 ريال شهرياً. تويتر: @ihsanbuhulaiga